د. مينا ملاك عازر
لا شك في أن إقدام أي دولة على خطوة كبرى كتلك التي خطتها دولتي الإمارات والبحرين نحو إبرام السلام مع إسرائيل، يجب أن يكون وراءها دوافع ومكاسب، كذلك إسرائيل، وأنا هنا في سبيل رصد بعض من تلك المكاسب والدوافع لنتفهم ما كنا نحاول تجاهله أن السياسة مصالح يا سادة.
ستساعد هذه الاتفاقية الإماراتيين الطموحين، الذين جعلوا من أنفسهم قوة عسكرية ومركزًا تجارياً، ومقصداً سياحياً عالمياً، ويبدو أن الأمريكيين مهدوا لإبرام الصفقة عبر تقديم وعود بأسلحة متطورة كانت الإمارات العربية المتحدة بالكاد قادرة على التفرج عليها في الماضي، وهي تشمل مقاتلة اف 35 وطائرة الحرب الإلكترونية "إي ايه-18جي غرولر، وإن كانت قد استخدمت الإمارات قواتها المسلحة المجهزة جيداً في ليبيا واليمن، لكن أخطر عدو محتمل لها هو إيران القابع على الجانب الآخر من الخليج، وتشارك كل من إسرائيل والولايات المتحدة المخاوف نفسها مع الإمارات في ما يتعلق بإيران، وكذلك تفعل البحرين، فحتى عام 1969، كانت إيران تدعي أن البحرين جزءاً من أراضيها، ويعتبر حكام البحرين السنة أيضاً أنّ بعض الشيعة في المملكة بمثابة طابور خامس محتمل لإيران.
وكانت كلتا الدولتين الخليجيتين بالكاد تخفيان العلاقات مع إسرائيل، والآن تتطلعان إلى تواصل بشكل منفتح، علما بأن إسرائيل تمتلك أحد أهم قطاعات التكنولوجيا في العالم ما يساهم في تطوير هذا القطاع في الدولتين.
وعندما تنتهي أزمة كورونا فمن المؤكد أنه سيحرص الإسرائيليون على استكشاف الصحاري والشواطئ ومراكز التسوق في الخليج.
وهذه الاتفاقيات ستسهم في إنهاء عزلة إسرائيل فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مؤمن بالاستراتيجية التي وُصفت لأول مرة في عشرينيات القرن الماضي بـالجدار الحديدي، وتركز الفكرة على أن القوة الإسرائيلية ستجعل العرب في النهاية يدركون أن خيارهم الوحيد هو الاعتراف بوجود إسرائيل، الإسرائيليون لا يحبون العزلة في الشرق الأوسط، ولم يكن السلام مع مصر والأردن دافئاً أبداً، وربما لديهم تفاؤل أكبر بشأن العلاقات المستقبلية مع دول الخليج.
ويعد تعزيز التحالف ضد إيران ميزة كبيرة أخرى، ويرى نتنياهو أن إيران هي العدو الأول لإسرائيل، وفي بعض الأحيان يقارن قادتها بالنازيين.
كما أنه لا يجب أن ننسى أن نتنياهو محاصر أيضاً، ويواجه محاكمة بتهمة الفساد قد تؤدي به إلى السجن، كما أنه بدأ تعامله مع جائحة فيروس كورونا بشكل جيد وسار لاحقاً بشكل خاطئ، والمعارضون ينظمون مسيرات أسبوعية خارج مقر إقامته في القدس، ولذا لا يمكن أن يأتي حفل التوقيع على الاتفاق في البيت الأبيض في وقت أفضل من هذا.
مع أن ما سبق كافي من وجهة نظر البلدان الثلاثة لكن ربما نلتقي المقال القادم -بإذن الله- للمزيد من الرصد الجاد لمكاسب أخرى لهم وربما للولايات المتحدة بالتحديد رئيسها أكثر وأكثر.
المختصر المفيد السياسة ليس بها صداقات دائمة ولكن بها مصالح.