طالما كان للقطط والكلاب تاريخ ومكانة كبيرة عند شعوب الحضارات القديمة، لاسيما في مصر القديمة منذ آلاف السنين.
فقد كانت، وفقا للعديد من اللوحات الأثرية التي تركها المصري القديم على جدران المعابد والمقابر، جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية، سواء من خلال تربيتهم في البيوت، أم مصاحبتهم في رحلات الصيد والقنص وحراسة الممتلكات، بل ومرافقتهم في المعارك الحربية، وفي الآخرة أيضا حيث خصصت لهم مقابر بجوار مقابر أصحابها.
عرفت الكلاب في اللغة المصرية القديمة باسم "إوو"، ويرجع اسمها إلى نفس الصوت الذي يصدره الكلب، ومنذ بداية العصر النيوليتي عرفت الكلاب كصائد، بحيث ترافق صاحبها في مطاردة القنائص، وكانت تعد ضمن سكان البیت المصري القديم، حيث تنام على مقربة من سيده، أو في سريره، وترافقه في أشغاله الیومیة، وبعد ذلك تمت الاستعانة بها لحراسة القطعان، وكانت مصاحبا له فى المعارك الحربية، وتعد لوحة الملك "انتف"من ملوك الأسرة الحادية عشر 2120 - 2070 ق.م وكلابه الأربعة خير دليل على مكانة الكلاب في مصر القديمة .
يقول عالم المصريات"جي راشیه" في الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة "كانت الكلاب ترجع إلى سلالات مختلفة ومتباينة، ولكن المشاھد والرسوم تبين لنا عن وجود 4 أنواع مميزة منھا: الكلاب السلوقي، وتتمیز بالرشاقة الواضحة ممشوقة القوائم منتصبة الأذنین وملتوية الذيل، وغالبا كان يقتنيها الأمراء وأثرياء القوم، وھي قادرة على العدو الفائق السرعة، وربما يتخذها أصحابھا كمجرد رفقاء مخلصین، وعلى ما يبدو أن أصلھا من بلاد "بونت"، ويسمیھا المصريون بالكلاب "السلوقي"، وغالبا ما ترى في أنحاء مصر المعاصرة أيضا.
ويضيف "راشيه" أن ھناك نوعا آخر من الكلاب قد يكون قريبا منھا إلى حد ما، ولكنه يتمیز بذيله الطويل الشكل المرتخي إلى أسفل ربما أن ھذا النوع ھو أحد أحفاد حیوان "ابن آوى"، وھناك كلاب أخرى تبدو أكثر ضخامة من النوع السلوقي ومتدلیة الأذنین، ثم نجد أيضا كلاب "الباسیه"، وهي قصیرة القوائم بشكل واضح، ولها أذنان منتصبتان ومدببتا الطرف، وانتشرت خلال الدولة الوسطى.
وكان يطلق على الكلاب بعض الأسماء منذ عصر الدولة القديمة مثل "نب" أي "السید"، بالإضافة إلى أسماء أخرى تدل على صفات الكلب، منها "الرفیق المخلص"، و"المھاجم الجسور"، وفي فترات أخرى انتشرت بعض الأسماء الأجنبیة التي تطلق على الكلاب، حيث كانت أسماء كلاب الملك "أنتف" الأربعة وهي "بحتى" أي "غزال"، و"بحتيس" بمعنى "أسود"، و"أبیكور" الذي قد يعني "خنزير وحشي"، و"تكرو" أسماء أجنبية .
تعتبر قطة "المياو" المصرية واحدة من أقدم سلالات القطط في العالم، ونالت مكانة كبيرة في المعتقدات الدينية والحياة المصرية القديمة، ظهرت القطط في نقوش المقابر والمعابد المصرية القديمة، ونُحتت لها التماثيل، وظهرت عبادتها على نطاق واسع، فضلاً عن تحنيط ودفن أعداد كبيرة منها في مقابر مخصصة لها في العصر المتأخر.
تتميز قطة المياو المصرية بالطول والرشاقة، حيث إنها نحيلة ووزنها قليل يترواح مابين 2-5 كيلو جرامات، وتتسم بالعضلات وكثرة البقع المتنوعة سواء المستديرة أو المستطيلة على جسدها، كذلك وجود خطين على خديها، ويتميز فروها بالليونة والنعومة، وتنفرد بتمثيل غذائي وسلوكيات تميزها عن باقي القطط الأخرى.
كان المصريون القدماء يحتفلون بعيد "باستت"، والتي صورت على هيئة قطة، وكانت رمزاً للخصوبة والحب والحنان وحامية للمرأة الحامل، وقد حملت “باستيت” العديد من الألقاب، ومن بينها "سيدة الأرضين" ، و"سيدة الأرباب"، و"سيدة السماء"، و"عين رع المسالمة"، و"عين آتوم"، وكان مركز عبادتها تل بسطة بالشرقية، وكان لها معبد اسمه "بوباستيس".
وكان قتل القطط جريمة تعاقب عليها قوانين مصر القديمة بأشد العقوبات، فقد ذكر المؤرخ "هيرودوت" أن عند موت القط يقوم صاحبه بحلق شعر الحاجبين تعبيراً عن الحزن والألم لفراقه، وعند موتها كان يحنطها أصحاب المنزل كما يحنطون موتاهم، وقد عثر في مصر على أحد المقابر الكبيرة تحتوي على نحو مليون قطة محنطة تحنيطا بالغ الدقة والإحكام.
ومن شدة حب المصري القديم للقطة كان العديد من الشخصيات العامة تلقب بألقابها في إحدى الأسر الحاكمة تمّ إطلاق اسم "ميوتي" وهو اسم تدليل للقطة، وكانت أيضا لقب الملكة غير الحاكمة "تادي باستت" من ملكات الأسرة الثانية والعشرين 945 - 712 ق.م، ولقبت احدى مغنيات المعبد في عهد نفس الأسرة بـ "نحمس باستت"، وهناك أيضا "بادي باستت" وزير مصر العليا خلال عصر الأسرة الـ26 وكبير مشرفي الزوجة الإلهية.