د/ عايدة نصيف
بدأت مصر بعد أن تخلصت من الحكم الإرهابي ثورة البناء فى جميع المجالات، وواجهت كل التحديات سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية، ومازالت تواجه وتبنى بقيادة حكيمة تحب هذا الوطن بناء المجتمع بناءً صحيحًا، مما يتطلب أن تؤسس قيم التقدم والتى ترتبط ببناء الدولة الحديثة، فهذه القيم هى الأساس الصلب للتطور والتنمية..
يقول الفيلسوف أرسطو: "يختلف المتعلم عن الجاهل بقدر إختلاف الحي عن الميت"، وأعنى هنا من ذكر هذا القول؛ أن العلم هو ضرورة حيوية للبناء فى أي اتجاه، وتأسيس قيم التقدم مع التطور هو تطبيق للعلم والفهم، ومن ضمن قيَّم التقدم "الوقت" وما أكثر الذين يتحدثون عن قيمة الوقت من مجتمع إلى آخر..
عودة وطن
ففى المجتمعات الأكثر تقدما الوقت هو الإطار الذى من خلاله تتم الخطط وتعد المشروعات وتتحول من فكرة فى الذهن إلى واقع يخدم ويُطور المجتمع؛ ومن ثم الوقت فى هذه المجتمعات إطار لكل الأفكار والخطط والمشروعات بل إطار لكل تطور سواء تطور اقتصادي وعلمي وتعليمي وثقافي واجتماعي؛ فالوقت ضرورة هامة للتطور والتنمية، فالتقدم والتحضر إشكاليات لا تحققها الأموال والثروات الطبيعية فقط بل تحققها أيضا منظومة القيم؛ ويجب ان يُربى جيل النشىء على أهمية تقديس الوقت، وهذه مهمة التربية والتعليم والثقافة.
ومن ضمن القيَّم التى تُبنى عليها الدولة الحديثة "ثقافة العمل المؤسسي" وهى الثقافة التى نمت وتعاظمت فى دول الحضارة الغربية ثم إنتقلت إلى العديد من الدول الأخرى المتقدمة، وفى الحقيقة مصر بلد مؤسسات فى العديد من التخصصات ويتطلب تعظيم ذلك الدور المؤسسي مع ثورة البناء التى يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأن تتحول تدريجيا ثقافة الأفراد إلى ثقافة المؤسسات.
وبالإضافة إلى قيمة الوقت وقيمة العمل المؤسسي أضيف أيضا لهما قيمة تقدمية ثالثة ألا وهى قيمة "الإتقان"، فموضوع الإتقان هو علم قائم بذاته هو علم إدارة الجودة والذى انضم حديثا الى العلوم الاجتماعية، فأصبحت هناك كليات ومعاهد على مستوى العالم تقوم بتدريس علم الجودة؛ فالإتقان والجودة صفة رئيسة للتقدم والتحضر والتطوير..
رسائل الرئيس.. والاصطفاف الوطنى
فالإتقان يطرد العشوائية فى أى مجتمع بل يربى أجيال متميزة وموهوبة فى كثير من المجالات التى تؤسس مجتمع له حراك اجتماعي فاعل، يحتضن القدرات التى تؤهل القيادات لصنع مستقبل واعد، ويحضرني أيضا قيمة رابعة وهى قيمة "التعددية والانفتاح على الآخر والتعايش معه"، وفى الحقيقة مصر بها نماذج مشرفة لذلك على مدار التاريخ وحتى اللحظة التى أكتب فيها مقالي هذا..
ولكن يجب على مؤسسات التعليم والشباب والثقافة وأيضا المؤسسات الدينية تأصيل قيمة تقدُّمية هامة كقيمة الإنفتاح على الآخر التى من شأنها أن ترقى بمفاهيم التجديد والابتكار. وأيضا أتطرق إلى قيمة "المعرفة وعالميتها" فنحن نعيش فى عالم قنواته متصلة بالعلم وتطبيقاته وأدوات البحث العلمى وهى التى تخدم المجتمع وتساهم فى بناءه؛ فالدول التى وضعت العلم فى على رأس اهتماماتها أصبحت من أكبر الدول الاقتصادية.
أضيف أيضا قيمة تقدمية أخرى وهى قيمة "التقدم الإداري" أو"قيم العمل" الحديثة، التى من بينها العمل الجماعى أو عمل الفريق والإهتمام بالموارد البشرية كعنصر فاعل فى التطور.
وفى الحقيقة ما يحدث فى مصر من بناء على جميع الأصعدة يتطلب تعظيم القيم التقدمية والتى ذكرت بعضها للمساعدة فى تأسيس بناء داخلى قوى لمصر، وهذا يتطلب تضافر كل الجهود فى كل المؤسسات بشتى أشكالها وألوانها، ولذا علينا أن نقف وراء التطور الإيجابي والخطوات الفاعلة.