ارتبطت الدهون المشبعة في أذهان الكثيرين بزيادة فرص الإصابة بأخطر الأمراض، بدرجة ربما تدفع البعض إلى الاستغناء تماما عن الأكلات المحتوية على الدهون بشكل عام، الأمر الذي نوضح صحته من عدمه عبر الكشف عن مصادر تلك الدهون المشبعة وتأثيرها على الصحة.
الدهون المشبعة
تعرف الدهون المشبعة بأنها تحتوي على ذرات كربون مشبعة تماما بالهيدروجين، حيث يرى العلماء أنها تحمل الكم الأكبر من الهيدروجين الذي يمكن تحمله، فيما لا يمكن للدهون المشبعة أن تذوب في الماء، بل يمكنها الحفاظ على ما تتمتع به من صلابة بدرجة حرارة الغرفة.
تعد الدهون المشبعة واحدة من ضمن 3 أنواع رئيسية من الدهون بشكل عام، حيث تأتي إلى جانب كل من الدهون غير المشبعة والدهون المتحولة، فبينما يبقى تأثير الدهون غير المشبعة هو الأفضل على الصحة، وتأثير الدهون المتحولة هو الأسوأ، فإن التأثير الصحي للدهون المشبعة يبقى محل نقاش وبحث بين العلماء.
مصادر الدهون المشبعة
تتعدد مصادر الدهون المشبعة بين عدد من الأكلات والمشروبات التي يحرص الكثيرون على تناولها بصفة متكررة، حيث تتواجد تلك الدهون على سبيل المثال في منتجات الألبان، لذا يعد الحليب والألبان غير خالية الدسم، وكذلك الأجبان بأنواعها، من مصادر الدهون المشبعة.
كذلك يمكن ملاحظة نسب كبيرة من الدهون المشبعة بداخل اللحوم، علما بأنها تتواجد بكثرة في السمن والزبد، علاوة على وجودها بزيوت تشتهر بفوائدها الصحية المتعددة، مثل زيت النخيل وزيت جوز الهند.
أضرار الدهون المشبعة
بينما تتكون الكثير من الأكلات والمشروبات المفضلة للكثيرين من الدهون المشبعة، فإن إدراك تلك الدهون صار مطلوبا للوقوف على مدى خطورة تلك الوجبات.
يرى خبراء الصحة دوما أن تأثير الدهون المشبعة الأكثر سوءا هو ما يطول صحة القلب، إذ توصل الباحثون من قبل إلى أن تلك الدهون تزيد من عوامل المعاناة من أمراض القلب، عندما ترفع من نسب الكوليسترول الضار في الجسم، إلا أن بعض الدراسات الأخرى قد وجدت أن تأثير الدهون على صحة القلب أقل مما يتوقع الكثيرون.
ليس القلب وحده هو ما تزيد فرص تعرضه للخطر بسبب الدهون المشبعة، بل توصلت بعض الدراسات إلى أن تأثير تلك الدهون يصل إلى حد زيادة فرص الالتهابات بالجسم، وربما التأثير بالسلب على الصحة العقلية في بعض الأحيان، إلى جانب إحداث بعض التغيرات فيما يخص عملية الأيض والشهية، إلا أن توصيات العلماء تفيد بضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد حقيقة النتائج السابق ذكرها.
كذلك ارتبطت الدهون المشبعة بزيادة الوزن وخطر الإصابة بمرض السمنة، فبينما تحتوي الأكلات مرتفعة الدهون مثل البيتزا والمخبوزات والأطعمة المقلية على نسبة كبيرة من الدهون المشبعة تحديدا، فإن فرص المعاناة من الوزن الزائد تبقى مرتفعة للغاية عند تناول الأكلات المحتوية على تلك الدهون، في ظل احتوائها على نحو ضعف السعرات الحرارية الموجودة بكل من الكربوهيدرات والبروتينات.
يشير العلماء إلى أنه على الرغم من احتمالية تسبب أكلات الدهون المشبعة بأضرار صحية خطيرة أحيانا، فإنه لا يصح أن نعمم ذلك الخطر على جميع مصادر تلك الدهون، إذ يرى خبراء الصحة على سبيل المثال أن التأثير الذي يصيب الفرد صحيا عند تناول الوجبات السريعة والأكلات المقلية والأطعمة المتخمة بالسكريات وكذلك اللحوم المصنعة، لا يمكن مقارنته بتأثير تناول منتجات الألبان مثلا أو زيت جوز الهند، على الرغم من احتواء تلك الأكلات كافة على الدهون المشبعة.
كميات الدهون المناسبة
يوضح كل ما سبق اختلاف تأثير الدهون المشبعة على الصحة وفقا للطعام وكمياته، وكذلك وفقا لمدى تعدد العناصر الغذائية التي يحصل عليها الجسم، إذ ثبت أن تناول الدهون المشبعة وسط وجبات صحية متوازنة ومتعددة، لن يضر بالجسم بقدر ما يفيده، ما يقودنا إلى طرح تساؤل حول كمية الدهون المناسبة.
تؤكد منظمة الإرشادات الغذائية بالولايات المتحدة الأمريكية، أنه بينما ينصح بعدم تجاوز السعرات الحرارية التي يحصل عليها الجسم يوميا من الدهون حد الـ25% أو الـ30%، فإنه يفضل أن تقل نسب الدهون المشبعة تحديدا بينها عن حاجز الـ7%، من أجل حماية القلب من المخاطر المحيطة به، ليبدو ذلك الخيار هو الأكثر أمانا بالنسبة للدهون المتحولة، وفي حالة عدم الشكوى من أي أزمات صحية بالقلب.
في كل الأحوال، يبدو من المؤكد أن الحصول على العناصر الغذائية كافة هو عين الصواب، لذا فإن تناول الدهون بشكل عام ليس مرفوضا، فقط ينصح بالحصول على القليل منها وسط وجبات صحية يمكنها إفادة الجسم وليس العكس.