عبد المنعم بدوى

بناء على رغبة الأصدقاء فى نشر يومياتى عن حرب أكتوبر ... أعرضها أبتداء من اليوم :


٤ أكتوبر ١٩٧٣
 
كنت برتبة نقيب ، قائد سريه الدفاع الجوى المكلفه بحماية اللواء الأول المدرع بالفرقه 21 المدرع بالجيش الثانى ، وكان موقعنا فى أبو سلطان بالأسماعيليه ، على مسافة 15 كيلو تقريبا من شط قناة السويس .
 
كان قد تم رفع درجات الأستعداد فى الوحدات الى الدرجات القصوى منذ أيام ، وكانت معدات الكبارى والقوارب تمر من جوار موقعنا فى طريقها الى قناة السويس .
 
ذهبت فى صباح هذا اليوم 4 أكتوبر 1973 ، مع ضابط استطلاع الفوج ، لاستطلاع المكان المحدد لنا للعبور منه الى سيناء ، وكان فى منطقة الدفرسوار " معبر الدفرسوار " .
 
وقفنا بسيارة الاستطلاع على مسافة ١٠٠ متر من القناه ، أحمل معى خريطة الموقع التفصيليه عليها مواقع قواتنا ومواقع قوات العدو ونوع تسليحها وعددها ، وأيضا نظارة ميدان مكبره ، سرنا على الاقدام حتى وصلنا الى شط القناه .... تبين لى أن عرض قناة السويس فى هذه المنطقه " منطقة الدفرسوار " لايتجاوز ال ١٠٠ متر ، على الضفه الاخرى ساتر ترابى بأرتفاع ٢٢ متر ، وبزاويه انحدار ٤٥ درجه .... يقف على برج خشبى أعلى الساتر جندى اسرائيلى ، تبينت ملامحه جيدا ، يقوم برصد جميع التحركات التى تتم على الجانب الغربى من القناه " جانب قواتنا " ،يرفرف من أعلى البرج علم العدو الأسرائيلى ، الذى تمنيت من كل قلبى إزالة هذا المشهد المذل .
 
انتهى الاستطلاع ، درست المنطقه جيدا ، المكان الذى سوف ينشأ فيه الكوبرى والذى سوف نعبر من عليه ، طرق الوصول اليه ، الأماكن التى يمكن التمركز فيها فى حالة الهجوم علينا أثناء العبور ، المسافه والزمن بين الموقع الحالى ومكان العبور .
 
عدنا الى موقع السريه فى ابو سلطان ، جال فى خاطرى الم تكن تكفى تلك الاعوام التى شاركت فيها من حرب الاستنزاف ، هل روحى المبعثره والمشتته ، سوف تلتأم بعد هذه الحرب ، ام ستزيدها الايام تبعثرا .
 
جمعت كل ضباط وجنود السريه ، شرحت لهم الوضع ولاحظت عليهم القلق والتوتر الشديد ،،،، طالبتهم بانه لاداعى من القلق او التوتر ...... فى ساحة القتال يجب ان تقهر الخوف من داخلك بإرادتك ، ان المتوترين لا يمكن ان ينتصروا فى الحرب ..... تعلمت ان الشجاعه ليست غريزه بل هى قهر الخوف القابع فى داخلك .... قهرنا التوتر والقلق الذى فى داخلنا ، وتحول الى عناد وصلابه ، ودعونا الله العلى القدير أن يحفظنا من كل شر ، وأن يكتب لنا النصر أو الشهاده