الأقباط متحدون | الإخوان بين الخطاب الدينى والصراع على السلطة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:٢٥ | الاربعاء ٦ يونيو ٢٠١٢ | ٢٩ بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٨٣ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الإخوان بين الخطاب الدينى والصراع على السلطة

الاربعاء ٦ يونيو ٢٠١٢ - ٤٨: ٠٣ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

كتبت : د/عايدة نصيف
 
خطاب الجماعات الإسلامية يختلف اختلافا كبيرًا عن الخطاب الدينى للأزهر ومجمع البحوث الإسلامية . أما الخطاب الذى خرج علينا بعد الثورة هو خطاب تمتد جذوره إلى محمد بن عبد الوهاب، ومن ورائه إبن تيمية، ثم حاول حسن البنا  إحياء هذا الخطاب الوهابى ورد الحياة له بإسلامٍ  يجمع بين القرآن والسيف بعيدًا كل البعد عن الخطاب الأزهرى الذى يمثل الإسلام الوسطى الحقيقى الذى عرفناه وتربينا فى حضنه، القائم على مبادىء الإسلام الرائعة كالعدالة والمساواة والكرامة، مبادئ لا تتغير بتغير الأيدلوجية السياسية التى تريدها الجماعة من خلال حزب سياسى  دينى يقوده المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.

حزب يخرج منه الأغلبية البرلمانية، تتغنى لنا بقوانيين تريد تطبيقها لترجع بالمجتمع الاف السنين؛ كطرح خفض سن الزواج إلى الثانية عشرة، وختان الإناث وغيره من الرؤى التى تريد تكبيل المجتمع والارتداد عن الأفكار التنويرية الإسلامية المصرية، وتضرب عرض الحائط بأفكار ومشاريع تنويرية إسلامية مصرية أنارت ليس مصر فحسب؛ وإنما الوطن العربى بأكمله كرفاعة الطهطاوى ورؤيته النقدية بضرورة الانفتاح على الفكر التنويرى حينما قرأ "مونتسكيو" و "روسو" فى قضية الميثاق الدستورى، وأوضح لنا الفرق بين التفويض الإلهى وفكرة العقد الاجتماعى، وكيف أن الأمة هى مصدر السلطات، وضرورة الفصل بين السلطات التشريعية والتنفذية والقضائية، وتطبيق الحقوق المدنية كالمساواة والحرية وغيرها من الحقوق، هذا هو رفاعة الطهطاوى فى القرن التاسع عشر. ونجد الآن فى القرن الحادي والعشرين وبعد ثورة أبهرت العالم دعوة حزب الحرية والعدالة إلى هدم مبدأ الفصل بين السلطات ليكون البرلمان فى يدهم ويسعون لتشكيل حكومة ويحشدون وراء د.محمد مرسى ليكون رئيسًا، فهذه ردة إلى الوراء ومن يساهم فيها يساهم فى هدم وطن بأكمله.

ليت هذه الجماعة ترجع إلى تاريخنا وشخصيتا المصرية الإسلامية، واذكر مثالاً آخر كعبد الرحمن الكواكبى الذى اهتم بالفكر السياسى وخاصة فى كتابه "طبائع الاستبداد" وكيف وضح علاقة الاستبداد بالدين والعلم والمال والاخلاق والتربية، وها هنا نجد اليوم استخدام عبارات وخطاب من قبل حزب الحرية والعدالة   ( بطبيق شرع الله ) والإسلام، وكأن مصر لم يكن بها إسلام، وكأن مصر من يقطنها كفارًا ، فمصر من أعظم الدول المتدينة، وشعبها شعب متدين ومحافظ والتاريخ يشهد على ذلك، فهل من اللائق أن تُستخدم عبارات تثير المشاعر وتحشد البسطاء لحصد أصوات الناخبين كما حدث فى الانتخابات البرلمانية، وكما يحدث فى انتخابات الرئاسة ومحاولتهم حشد الجمهور بصورة متكررة فى الإعادة وإذا كان غرضهم تطبيق شرع الله  ومصلحة الشعب كما يقولون فلماذا خرج علينا د.محمد مرسى بعد نتائج المرحلة الأولى من الرئاسة وكان خطابه هو مد يده للجماعة، وعقد صفقة مع المرشحين بدلاً من عقد صفقة مع الشعب والتحالف معه، ويتبنى مبادرة انتخابية بدلاً من أن يتبنى مبادرة وخطابًا مصريًّا، "مرسى" يتحدث فى خطابه عن دولة خلافة رئيسها ليس بالضرورة أن يكون مصريًّا أو سعوديًّا؛ بل خلافة إخوانية تراثها وثقافتها وهابية.
علينا التحليل والنقد والعمل بإيجابية لنصل إلى حلاً مصريًّا يحمى هويتنا وهوية وطننا الحبيب، فالمسألة هنا لعبة انتخابية لمن لديهم الأصوات واستحواذ على السلطة أكثر منها مصلحة الشعب.

 فلنرجع إلى الأزهر الذى هو امتداد للشيخ محمد عبده وإدراكه بأنه من الضرورى فهم الدين فهما صحيحًا وذلك حتى نتقدم إلى الأمام فإذا رجعنا إلى كتبه ورسائله " كرسالة التوحيد" و "الإسلام والرد على منتقديه " نجده وهو مفكرًا إسلاميًّا للقرن التاسع عشر يقدم لنا طريقًا إلى التقدم إلى الأمام منطلقًا من التمسك بالقوة والاعتزاز بطريق العقل الذى خلقه الله فينا، وهناك الكثير من أسماء المفكرين الإسلاميين تصلح لكل زمان ومكان بدلاً من هذه الدعوات التى تريد أن تصنع تراث خاص بجماعة معينة، تراث من يخرج عنه كما يقولون فهو ملحد ومنافق وكافر ويدعون أن تراثهم هو التراث الوحيد الصحيح وأن أى أيدلوجية أخرى هالكة.

هكذا يستخدم الإخوان خطابهم وتراثهم الوهابى الخاص بهم والبعيد كل البعد عن الفكر الوسطى للإسلام، لنبدأ برواية التصويت على التعديلات الدستورية فى مارس 2011 ومن يقول نعم هو من ابناء الجنة ومن يقول لا هو من أنصار الكفار، محاولة لطمس هوية مصر الفرعونية  والقبطية والإسلامية ، ولم يكتفوا بذلك بل استخدموا دستورهم الوهابى فى الانتخابات البرلمانية لتتحول إلى انتخابات طائفية وليست ممارسة سياسية منطلقة من مبدأ كلام الله المنقذ والمخلص فى اطار ايدلوجية الدولة الإخوانية المراد بناءها على دستور خاص بهم وليس دستور يمتلكه الشعب. والآن نفس المنهج فى انتخابات رئيس مصر واتساءل كيف تبنى الديمقراطية فى إطار هذا المناخ وفى إطار التغنى بالحرية تحت ايدلوجية عامة تحث على الطاعة والولاء للمرشد وكأننا نرجع قرون طويلة، وكأننا نتجاهل إعمال العقل الذى وهبه الله لنا .

فمنهج الإخوان يرفض الانفتاح والتنوير على التيارات المختلفة لإن التيارات المعارضة لهم لا تخضع لمبدأ السمع والطاعة  فكيف نبنى مجتمعًا علميًّا يخضع للنسبية على أساس حكم المطلق، فعلى الإخوان استخدام العلاقة بين الدين والثقافة الشعبية استخدامًا صادقًا بعيدًا عن المشروع الخاص بهم وبعيدًا عن طمس هوية وطننا العزيز.

فسيادة القانون والمواطنة وغيرها من المفاهيم هى المشاريع القومية التى يجب ان ندافع عنها ونبنى الوطن ليكون لكل المصريين وليس لجماعة بعينها. وأقول للإخوان عفوًا لمشروعكم فهو يهدم مشروع الوطن.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :