مع اقتراب لقاح فيروس كورونا المستجد من الخروج للنور، يتساءل الكثيرون وسط حالة من الخوف: هل هذا اللقاح أو التطعيم آمن؟ وهل يجب على الفرد تناوله؟ والسؤال الأهم؛ ماذا سيحدث في حالة امتناع الفرد عن تناول التطعيم؟ وغيرها من الأسئلة التي تتزايد مع اقتراب إعلان صدور اللقاح، خاصة في ظل اتجاه بعد الدول وعلى رأسها روسيا إلى تدوال اللقاح وتصديره على الرغم من عدم تجربته بشكل كافي.
في هذا السياق وللإجابة عن الأسئلة السابقة، نستعرض عددا من الحكايات عن تطعيم الأمراض الخطيرة التي شهدها العالم على مدار السنوات السابقة.
عام الخنق
شهد تاريخ إسبانيا "عام الخنق" سنة 1613 تحديدا، بسبب انتشار وباء الدفتيريا، والذي يتسبب في تكون غشاء يغطي حلق المصاب ويخنقه حتى الموت وهو من الأمراض النادرة التي شهدتها أسبانيا حتى تم التوصل إلى تطعيم الدفتيريا، الذي يتناوله الأطفال في السنة الأولى بعد الولادة.
بعد قرابة 4 قرون وبالتحديد عام 2015، شهدت المدينة الأسبانية برشلونة، وفاة طفل عمره 6 سنوات بالدفتيريا لأن أهله رفضوا تطعيمه لتكون هذه أول وفاة بالدفتيريا في أسبانيا منذ عام 1986، وبسؤالهم عن سبب رفضهم التطعيم؟ قالوا: "الندم قتلنا لأننا صدقنا المواقع والفيديوهات اللي ضد التطعيم على الإنترنت".
تطعيم الجدري
"شرطة في الفخذ" هكذا كان تطعيم مرض الجدري (ليس الجديري المائي)، الذي تناولته الأجيال السابقة في صغرهم لكنه اختفى حاليا بسبب اختفاء المرض نهائيا كأحد إنجازات الطب الحديث، وذلك بعدما قتل 500 مليون في الـ 100 سنة السابقة على اختفائه، حيث كانت نسبة وفياته كانت 30% من السكان وكان مسئولا عن ثلث حالات العمى في العالم، وتاريخيًا قتل 6 ملوك.
الالتهاب الكبدي بي
الأجيال الحالية كانت محظوظة أيضا بتطعيم "الإلتهاب الكبدي بي"، الذي يؤخذ مباشرة بعد الولادة، لكن الأجيال الأكبر لم يكن لديها هذا الحظ، حيث كان فيروس بي كان منتشر كنظيره فيروس سي بل وأسهل بكثير في العدوى وأعنف في مضاعفاته، كان ينتقل بواسطة أي حقنة ملوثة أو موس أو اتصال جنسي أو أدوات غير معقمة، و25% من المصابين به ماتوا إما بتليف في الكبد أو سرطان الكبد.
شلل الأطفال
اختفى شلل الأطفال من مصر منذ 14 عاما، لكن ماذا عن آلاف المصابين بإعاقات حاليا؟ هؤلاء ضحايا شلل الأطفال، الذين لم يتناولوا التطعيم، المرض الذي أدى لاختراع التنفس الصناعي، كما أدى لاختراع الرعاية المركزة والعلاج الطبيعي والتأهيلي الحديث.
مؤامرة الحصبة
تطعيم الحصبة أدى لتقليل نسبة الوفيات من المرض بنسبة 80%، وذلك بعدما شهد عام 1980 وفاة 2.4 مليون شخص من الحصبة (أكثر من ضعف وفيات وباء الكورونا الحالي)، لكن بفضل التطعيم قل هذا العدد لـ 73 ألف في السنة فقط بحلول عام 2014.
لكن -للأسف- التطعيم الذي يؤخذ في نهاية السنة الأولى للطفل في حقنة واحدة مع تطعيم الحصبة الألماني والغدة النكفية، كان سيء الحظ أنه وقع في يد عالمين محتالين، الأول دكتور بريطاني اسمه اندرو ويكفيلد، زوّر بحثين ضد التطعيم، واحد يدّعي انه بيتسبب في مرض كرونز والثاني ادعى انه يتسبب في مرض التوحد، الأمر الذي تم نفيه متأخرا بعدما نُشرت الأبحاث وتم تداولها على نطاق واسع حتى الآن.
المحتال الثاني اسمه ستيفان لانكا، والذي ادعى أنه لا يوجد ما يسمى مرض الايدز والحصبة، ووضع رهان 100 الف يورو لمن يثبت وجود فيروس يسبب الحصبة ومقاساته كام، الرهان الذي ربحه خبير الماني اسمه ديفيد باردنز قبل التحدي وأثبت له وجود الفيروس وحجمه ولاحقه قضائيا في المحكمة ليحصل على الرهان. على كلٍ تسببت حالتي النصب السابقتين في تضاعف حالات الحصبة خلال الأربع سنوات الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا بخلاف حكايات شبيهة عن باقي التطعيمات كلها: الدرن، الحصبة الألماني، الحمى الشوكية وغيرها، بجانب أحدث التطعيمات التي يتجه العالم لها حاليا كتطعيم المراهقين ضد فيروس الورم الحليمي، الذي يسبب سرطان عنق الرحم، فضلا عن التطعيمات التي في طريقها للنور ضد الايدز والملاريا ويسبقهم فيروس كورونا.
هل التطعيمات آمنة؟
هل فعلًا التطعيمات آمنة بنسبة 100%؟ يجيب الكثير من الأطباء عن هذا السؤال بمقولة شبه معتادة: "الحقيقة لا يوجد أي شيء في العالم آمن بنسبة 100%، عبور الشارع ليس آمنا بنسبة 100% كما جلوسك في منزلك ليس آمن أيضا.. الموضوع مسألة توازن بين النفع الغالب والضرر المحتمل.. 25% من اللي بيتطعموا بتحصل لهم حرارة خفيفة او التهاب مكان الحقنة وهذه أكثر الأعراض الجانبية شيوعا".
كما توجد آثار جانبية أشد كالتشنجات مثلا واحتمال حدوثها 1 في الـ 14 ألف، بجانب احتمالية حدوث حساسية شديدة خطيرة واحد في المليون، وهناك حديث بأن نسبة الألومنيوم في التطعيمات تحتاج المزيد من الدراسات، لكن ذلك لا يقارن بالمصائب والكوارث التي تسببها الأمراض في حالة عدم التطعيم.