بقلم : القس فيلوباتير جميل عزيز
هالني جداً ما قرأته في جريدة الوطن من حديث منسوب لجناب الأب الورع القمص صليب متى ساويروس عضو المجلس الملي العام ورئيس مركز السلام الدولي لحقوق الإنسان – إذن فنحن نتحدث عن شخصية لها ثقلها في العمل العام وتحديداً في مجال حقوق الإنسان وأيضاً في الكنيسة هو من المعتبرين – أن ينسب اليه تصريح - وهو لم ينفيه - أنه يؤيد القانون الذي يقضي بتغليظ عقوبة إزدراء الأديان وتطبيق عقوبة الإعدام على من يسيء للذات الإلهية أو الأنبياء !!! أقول له مضطراً ما قاله رب المجد يسوع لتلميذين من تلاميذه حينما طلبوا أن تنزل ناراً لتحرق أهل السامرة بعد أن رفضوه قال لهم يسوع لستما تعلمان من أي روح أنتما (لو9 : 55) ....

أبي الحبيب هل قصدت فعلاً ما جاء في الخبر ؟!! هل جاء على لسان قدسك ما كتب في الخبر ؟!! إن كان لا فلابد أن تؤاخذهم على ما نسبوه لقدسك باطلاً بكونه يمكن أن يتسبب لقدسك ولنا وللكنيسة في مشكلات كثيرة أولادك في غنى عنها !!!
وإن كان ما نسبوه لقدسك قد جاء على لسان قدسك بالفعل وهو رأي قدسك وعقيدة لدى قدسك فإسمح لي أبي الحبيب بمناقشتك في هذا الأمر ...
بداية هل تعاليم الإنجيل الذي نكرز به تنادي بهذا المفهوم ... هل علم رب المجد يسوع بذلك أم أنه طلب الغفران حتى لصالبيه بل وقال أن من يجدف على الإبن يغفر له وأما من يجدف على الروح القدس فلن يغفر له وقدسك بالتأكيد تعلم معنى التجديف على الروح القدس بكونه رفض عمل الروح القدس مدى الحياة ... هنا لا وجود على الإطلاق لعقوبة أرضية كما جاء في الجريدة ...وحينما سألوه عن الزوان وإقتلاعه قال دعوهما ينميان معاً لئلا وأنتم تقتلعون الزوان تنالون من الحنطة أيضاً !!!!

ثانياً هل يعتبر ما نسب لقدسك بداية لتقارب ما مع التيارات الدينية المتشددة من سلفيين وإخوان ... بمعنى هل تفكر قدسك في إستبدال الحزب الوطني الذي كنت أحد كوادره وأعضاءه بشبرا بحزب الحرية والعدالة وحزب النور ..؟! هل قدسك تكرس لدولة دينية تطبق الحدود وتطالب بتطبيق الحدود ضد من يسبون الذات الإلهية الأمر الذي ينسجم تماماً مع فكر السلفيين والإخوان التيار الوحيد الصاعد هذه الأيام ؟!!

ثالثاً هل تعلم قدسك أن هذا القانون حينما يتم تفعيله وتطبيقه ستكون قدسك وأولادك أول من يتم تطبيق القانون علينا بكوننا نؤمن حسب الفكر السلفي والإخواني المتشدد أننا نسب الذات الإلهية بحسب ما ذكره الشيخ محمد حسان في لقاءه مع ملك السعودية لترضيته بعد سبه من أحد الأشخاص !!! ألا تعلم قدسك أننا أول من نذوق المر بسبب هذا القانون الذي تنادي به ....

لا يمكن أن نقبل من قدسك هذا الطرح كما أننا لا نقبل من نيافة أنبا بيسنتي طرحه الخاص بقبوله لوجود آيات قرآنية في مناهج اللغة العربية للتلاميذ ... كما أننا لا نقبل من نيافة أنبا بيشوي طرحه الخاص بمطالبته لبناته المسيحيات بقدوة المحجبات في الحشمة أو ما ذكره نيافته بأن المسيحية في مصر تستمد قوتها من وجود الإسلام .... كلها أقوال مرفوضة تنسجم مع فكرة التقرب من التيارات المتشددة الصاعدة سياسياً هذه الأيام ...
كما أنني أنأى بقدسك أن تثبت فكرة يتم الترويج لها هذه الأيام بأن بعض رجال الدين المسيحي يروجون لفكرة الدولة الدينية ... أرجو ألا توصم كنيستنا في هذا العصر بأنها مع هذه الفكرة خاصة مع تصاعد مطالبات البعض بقبول أفكار الدولة الدينية المتشددة الأفضل لنا جميعاً أن يستمر جهادنا وكفاحنا ضد دولة المرشد ودولة السلفيين من أن نوصم تاريخياً بقبولنا لها ... دعنا أبي الحبيب نمارس جهادنا في قول كلمة الحق حتى وإن لم تغير شيء من الواقع نكون كمن يحترم نفسه وفكره ....

الأهم من كل هذه الإطروحات أن ما جاء على لسان قدسك بعيد تماماً عن تعاليم الإيمان المسيحي وما جاء في كتابنا المقدس ... فهل نتنازل عن تعاليمنا من أجل مجاملة وترضية للمتطرفين ... هل ننتظر من قدسك لو تم إنتخاب مرسي خضوعاً وقبولاً له ولأفكاره ولمشروعه إنسجاماً مع فكرة أنه أصبح رئيساً ونبتعد عن الدفاع عن حقوقنا وهمومنا ودولتنا المدنية مصر ... أرجو من قدسك مزيداً من التدقيق في التصريحات هذه الأيام التي فيها يتصيد الناس لنا ولكنيستنا ولعقيدتنا ودعنا لا نستنفذ قوانا في الرد على بعضنا البعض لأن معركتنا القادمة خطيرة ... على أني أرجو ممكن يقرأ مقالي هذا أن يبتعد عن فكرة الخلاف الشخصي لأني لم أتعرض لشخص أبونا وإنما كل كلامي عن أفكاره ولنتذكر جميعا موقف كتابي - والقياس مع الفارق – حينما لام الرسول بولس بطرس الرسول وكان خلافاً علنياً بسبب بدعة التهود ....