بقلم جورج حبيب ( سيدني-استراليا )
مما لا شك فيه ان تقدم الشعوب ( اقتصاديا وعلميا وادبيا ) وايضا في كل الاتجاهات يقاس بمدي درجة وجود العنصرية بها -ولعل اكثرها تقدما هي تلك التي تنعدم فيها العنصرية-واعني هنا زوال صفة التفرقه علي اساس الجنس ( رجل-امراه ) او اللون ( ابيض-اسود ) او الدين ولعل الاخيرة هي الاخطر في الموضوع -والتي تدل علي اهدار القيم الانسانية وحق الفرد في اختيار واعتناق ما يروق له من الدين دون اكراه او فرض او عقاب
ولنرجع الي الدول الغربيه -وخاصة تلك الدول التي يطلق عليها دول هجرة -حيث تكونت وفتحت ابوابها للجميع دون ما اي قدر من العنصرية من اية نوع سواء دينية او طبقا للون او جنس او اية مرجعية-ولكن الجميع متساوون في الحقوق والواجبات -ولهم فرصتهم في التفوق دون مرجعية العنصرية باي من اشكالها
ولعل من مظاهر اللاعنصرية في تلك البلاد هو انك لا تجد في اية مستند من مستندات هذه الدول مكان لبيان يسال عن الدين مثلا-او اذا تقدم شخص لوظيفة ما وحدد له مقابلة -لا يسال بتاتا عن دينه او عرقه او من اي بلد اتي-ولكن المعيار الاساسي في اختياره هو كفاءته ومدي صلاحية مؤهلاته لاداء الوظيفه-ومن هنا يكون النجاح حيث لو نحن ببلد بها عنصرية من نوع ما لاختير شخص لوظيفة طبقا لعنصريته مثلا علي اساس الدين ويرفض اخر صالح للوظيفة وهو اكفا وذنبه انه من دين معين او من لون او من عرق
ولندرس النتيجة هنا بالنسبة للبلد التي تطبق العنصريه-فقد اختير شخص للوظيفة وهو لا يصلح لها-بينما رفض الاكفا علي اساس التفرقة العنصريه-وفي الاخر خسارة للبلد والتي حرمت من هذه الكفاءة
والتاريخ يحكي لنا عن رواد خدموا وساهموا في تقدم البلاد التي لا تطبق العنصرية-فمثلا القنبلة الذرية والتي اطلقتها امريكا علي اليابان ابان الحرب العالمية الثانية والتي كان لها الفضل في انهاء الحرب هي ( القنبلة الذريه ) من اختراع علماء المان-ولو ان امريكا لم تتح الفرصة للعلماء الالمان للبحث-ورفضتهم لانهم ليسوا امريكان لما استطاعت ان تتقدم بمجهودهم وتحصل عليه
ونفس الشيء حدث بالنسبه للعالمة ماري كوري-عالمة الكيمياء والفيزياء-والحاصله علي جائزة نوبل-اعطتها فرنسا الفرصة لاجراء ابحاثها رغم انها ليست من اصل فرنسي- ولكنها تشرفت واستفادت من علمها
والامثلة كثيرة لدول ليست بها عنصرية -ونظرة علي خريطة العالم تجعلنا ندرك ولاول وهلة ان الدول الاكثر تقدما في كافة المجالات هي التي لا تطبق سياسة العنصرية بكافة اشكالها
وعلي الصعيد الاخر نجد الدول والشعوب التي العنصرية اساس في
مقايسيها -نجدها اكثر تخلفا وهي منخرطة في العنصرية وهي شغلها الشاغل-فلا اهتمام بتقدم في اي من المجالات-ولكن المهم توظيف كل الاشخاص طبقا لعنصريتها-اما مقياس الكفاءة فلا اية اهمية له-لذا فهي تابعة للدول الاخري ومستهلكة لمنتجاتها-وهي راضية بحالها علي هذا الوضع ولا تطلب اكثر من ذلك
هذا والتاريخ يحمل صورا لجرائم عنصرية لم يات من ورائها الا الخراب والدمار-ونذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر-ما ارتكبه هتلر مع اليهود حينما قام بحرقهم في الافران بعد ان قام بتجريدهم من ملابسهم ( سيدات ) وهن حاملات لاطفالهن ولقد كانت جريمة عار في جبينه والتي دلت علي عنصريته العرقية-والبشرية لا يمكن ان تغفر له جريمته مهما مر الوقت
وكذلك ايضا ما قامت به تركيا من ابادة جماعية للارمن وعلي اساس العنصرية الدينيه ومازلت منخرطة في نفس السياسة وتدعم الارهاب الديني علي مستوي العالم-واين هي من الدول المتقدمه-انها في الذيل-فليس لديها اية طموح علمي -ولكن الارهاب هو شاغلها الاول والاخير
وفي العصر الحديث نجد صدام حسين والذي اباد من الاكراد الكثيرين-حتي ان اكتشفت مقابر جماعية لهم
خلاصة القول ان اللاعنصريه هي اساس التقدم وهي المقياس الحضاري للامم المتقدمه-والعنصرية هي اساس التخلف والانغلاق واحتلال المراكز الاخيرة بين الدول في كافة المجالات
ولعل دستور الامم المتحده ينص صراحة علي عدم وجود العنصرية بين الشعوب ولا علي اية عنصر من عناصر العنصرية ( دينية-عرقية-جنسية )