سليمان شفيق
للمرة الأولى منذ عام 2000، استيقظ الأمريكيون في اليوم التالي للانتخابات دون معرفة اسم رئيسهم المقبل الذي سيؤدي اليمين في 20 يناير 2021، وسط أجواء سادها أعمال شغب وتوتر.
قال جو بايدن في خطاب مقتضب في منزله في ويلمينغتون بولاية ديلاوير "جئت لأقول لكم أنه عندما ينتهي فرز الأصوات، نعتقد أننا سنفوز
وأضاف أنه عندما تعرف النتيجة، سيكون حان الوقت "لوضع الخطابات العدوانية التي أطلقت خلال الحملة، وراءنا"، مقدما نفسه على أنه موحد لبلد منقسم بعمق.
دعوى قضائية:
وأعلن فريق حملة دونالد ترامب عن أول دعوى قضائية في ولاية ويسكونسن حيث فاز جو بايدن بفارق أقل من واحد بالمئة حسب النتائج شبه الكاملة، كما ذكرت وسائل إعلام أمريكية عدة.
ويريد الجمهوريون المطالبة بإعادة فرز الأصوات وطلبوا من قاض محلي إعادة النظر في الأصوات التي تم فرزها بالفعل. كما قدموا طلبا لتعليق فرز الأصوات في ولاية بنسلفانيا الأساسية حيث لا تزال النتيجة غير مؤكدة حتي فجر الجمعة .
وقال مدير حملة ترامب بيل ستيبين "نتخذ إجراءات قانونية لتعليق عملية فرز الأصوات في انتظار شفافية أكبر". وكان الرئيس نفسه قد هدد ليل الثلاثاء الأربعاء باللجوء إلى المحكمة العليا بدون أن يذكر الأسباب بشكل واضح
وتضعف حملة تضليل إعلامي متواصلة النظام الانتخابي الأمريكي المعقد. وبدأ مساعدو ترامب نشر شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي والإذاعات حول عمليات غش ومخالفات.
وانتقدت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الأربعاء "مزاعم الرئيس الأمريكي التي لا أساس لها من الصحة" بشأن الانتخابات. وقال حاكم ولاية بنسلفانيا توم وولف "ديمقراطيتنا أمام اختبار كبير في هذه الانتخابات"، داعيا إلى التحلي بالصبر.
ترامب لم يواجه الرفض الانتخابي الذي توقعته استطلاعات الرأي
ولا يوجد أي دليل على وجود أصوات غير متوقعة، بل هناك بطاقات الاقتراع التي تم إرسالها عن طريق البريد وتقوم السلطات بفرزها ببطء، ومعظمها يصب في مصلحة الديمقراطيين، ما يفسّر تقلص الفارق الذي سجل أولا لمصلحة الرئيس الذي فضل ناخبوه الاقتراع شخصيا الثلاثاء.
وكتب بايدن، نائب الرئيس السابق باراك أوباما، في تغريدة على تويتر "لن نرتاح حتى يتم فرز كل بطاقة اقتراع".
ولم يسبق أن شارك هذا العدد من الناخبين الأمريكيين في انتخابات. فقد أدلى 160 مليون ناخب بأصواتهم، وقدرت نسبة المشاركة بـ66,9 بالمئة مقابل 59,2 بالمئة في انتخابات 2016، حسب مركز "يو أس إيليكشنز برودجيكت".
وفاق تدفق بطاقات الاقتراع البريدية قدرات مراكز فرز الأصوات بسبب الإقبال على هذا النوع من التصويت في أجواء الأزمة الصحية. وسيستغرق فتح الظروف البريدية والتدقيق في أوراق الاقتراع أياما عدة في بعض المدن خصوصا في فيلادلفيا، معقل الديمقراطيين.
وقال إد فولي المتخصص في القانون الانتخابي في جامعة ولاية أوهايو لوكالة فرانس برس الأربعاء أنه إذا تدخّل القضاء كما حدث في العام 2000 فقد تستمر العملية أسابيع.
صدمة إدخال القضاء في نتائج التصويت
لكن حتى الجمهوريين صدموا بتهديد الرئيس باللجوء إلى القضاء. وكتب النائب الجمهوري آدم كينزينجر في تغريدة على "تويتر"، "توقف. سيتم احتساب أوراق الاقتراع وإما أن تخسر أو تفوز. وستقبل أمريكا ذلك. الصبر فضيلة".
وأيا تكن النتائج، سيكون على الرئيس المقبل العمل مع الكونجرس
وكما كان متوقعا، احتفظ الديمقراطيون بالسيطرة على مجلس النواب، لكن فرص انتقال مجلس الشيوخ إلى الجانب الديمقراطي تضاءلت بعد إعادة انتخاب العديد من الجمهوريين.
وكما لو أنه يرغب في تأكيد ثقته في النتيجة النهائية، أكد جو بايدن في تغريدة أن الولايات المتحدة ستنضم مجددا إلى اتفاقية باريس للمناخ التي غادرتها رسميا الأربعاء في اليوم الأول من رئاسته، أي "بعد 77 يوما بالضبط".
فيما يلي بعض السيناريوهات التي قد تحدث:
يمكن أن يؤدي تقارب النتائج إلى التقاضي بشأن إجراءات التصويت وفرز الأصوات في الولايات الحاسمة. ويمكن أن تصل القضايا المرفوعة في ولايات بشكل منفرد إلى المحكمة العليا في نهاية المطاف، كما حدث في انتخابات فلوريدا في عام 2000، عندما فاز الجمهوري جورج دبليو بوش على الديمقراطي آل جور بفارق 537 صوتا فحسب في فلوريدا بعد أن أوقفت المحكمة العليا عملية إعادة الفرز.
وعيّن ترامب القاضية إيمي كوني باريت في المحكمة العليا قبل أيام من الانتخابات، الأمر الذي من شأنه أن يحقق أغلبية محافظة بواقع ستة إلى ثلاثة، يمكن أن تكون في صالح الرئيس إذا نظرت المحاكم نزاعات بشأن الانتخابات.
وقال ترامب الأربعاء "نود استخدام القانون بطريقة سليمة. لذا سنذهب إلى المحكمة العليا". وتنص قوانين الانتخابات في الولايات الأمريكية على فرز كل الأصوات وعادة ما تقضي ولايات كثيرة أياما لاستكمال فرز الأصوات.
المجمع الانتخابي:
لا يُنتخب رئيس الولايات المتحدة بأغلبية الأصوات الشعبية. وبموجب الدستور، يصبح المرشح الذي يفوز بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي البالغ عددها 538 صوتا، الرئيس المقبل للبلاد. وفي عام 2016، خسر ترامب التصويت الشعبي أمام الديمقراطية هيلاري كلينتون لكنه حصل على 304 أصوات في المجمع الانتخابي مقابل 227 لها.
وعادة ما يكسب المرشح الذي يفوز بالتصويت الشعبي في كل ولاية أصوات تلك الولاية في المجمع الانتخابي. وهذا العام، يجتمع أعضاء المجمع في 14 ديسمبر للإدلاء بأصواتهم. ويلتقي مجلسا الكونجرس يوم السادس من يناير لفرز الأصوات وإعلان الفائز.
وعادة ما يصدق حكام الولايات على النتائج في ولاياتهم ويطلعون الكونغرس على المعلومات.
لكن بعض الأكاديميين حددوا سيناريو يقدم فيه الحاكم والمجلس التشريعي في ولاية تشهد منافسة متقاربة بشدة نتيجتين مختلفتين. ويوجد في ولايات حاسمة مثل بنسيلفانيا وميشيغان وويسكونسن ونورث كارولاينا حكام ديمقراطيون ومجالس تشريعية يسيطر عليها الجمهوريون.
ووفقا لخبراء قانونيين، فمن غير الواضح في هذا السيناريو ما إذا كان يتعين على الكونجرس قبول النتائج التي يعرضها الحاكم أو عدم إحصاء الأصوات الانتخابية للولاية على الإطلاق.
وبينما يرى معظم الخبراء أن هذا السيناريو غير مرجح، إلا أن هناك سابقة تاريخية. فقد كان المجلس التشريعي في فلوريدا الذي يسيطر عليه الجمهوريون يدرس تقديم نتائجه في عام 2000 قبل أن تنهي المحكمة العليا النزاع بين بوش وآل جور.
: انتخابات طارئة
إذا تقرر عدم حصول أي من المرشحين على أغلبية الأصوات في المجمع الانتخابي، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى "انتخابات طارئة" بموجب التعديل الثاني عشر للدستور. وهذا يعني أن مجلس النواب سيختار الرئيس المقبل، بينما يختار مجلس الشيوخ نائب الرئيس.
وتجرى انتخابات طارئة أيضا في حالة التعادل بحصول كل مرشح على 269 صوتا بعد الانتخابات. وهناك العديد من المسارات الممكنة التي قد تصل بالانتخابات إلى طريق مسدود في عام2020.
وأي نزاع انتخابي في الكونجرس سينتهي قبل الموعد النهائي وهو 20 يناير ، وهو الموعد الذي ينص فيه الدستور على انتهاء فترة الرئيس الحالي
وبموجب قانون الخلافة الرئاسية، إذا لم يعلن الكونجرس عن الفائز بمنصب الرئيس أو منصب نائب الرئيس بحلول ذلك الوقت، فإن رئيس مجلس النواب سيكون الرئيس بالإنابة.