سليمان شفيق
مصر تخشي من استثمار قوي ارهابية وتركية للازمة
أعلنت كل من الحكومة الإثيوبية وسلطات إقليم تيغراي تحقيق انتصارات عسكرية مهمة في النزاع المستمر بينهما منذ أسبوعين. وفيما أكد رئيس أركان الجيش الإثيوبي برهانو جولا الأربعاء أن "الجيش ينتصر على جميع الجبهات"، أعلنت قوات تيغراي تحقيق انتصارات عسكرية دون أن تقدم تفاصيل جغرافية حولها. ودفعت المعارك أكثر من 36 ألف شخص للفرار إلى السودان المجاور
وأضاف: "أدعو جميع التيغراي إلى الخروج بكثافة لصد الغزاة ومواصلة تكبيد العدو خسائر كبيرة
شن خلفت المعارك مئات القتلى ودفعت أكثر من 36 ألف شخص للفرار إلى السودان المجاور..
وقال عبد الله سليمان معتمد شؤون اللاجئين السوداني لوكالة الأنباء الفرنسية الأربعاء: "بلغ عدد الواصلين حتى اليوم 36 ألف لاجئ واتفقنا مع سلطات ولاية القضارف على فتح مخيم في منطقة أم طنيدبة" لاستيعاب القادمين الجدد.
ووصفت "منظمة الإغاثة الإسلامية" الأربعاء بـ"الكابوس" ظروف استقبال اللاجئين، وأغلب هؤلاء أطفال ونساء وشيوخ لا يحصل جلهم على الغذاء أو الماء.
وقال مدير المنظمة غير الحكومية في السودان الصادق النور: "كل يوم يزداد العدد (اللاجئين) والاحتياجات، لكن القدرة على الاستجابة ميدانيا ليست كافية".
في تيغراي، قال الفرع الإثيوبي لـ"اللجنة الدولية للصليب الأحمر" في بيان إنه "نقل مئات المصابين في المناطق المتضررة من المعارك". وأضاف أن المستشفيات في تيغراي وأمهرة "تحتاج بشكل عاجل" لأسرة إضافية"
وقد أكدت أديس أبابا الدخول في المرحلة "النهائية" لهذه العملية العسكرية. لكن وفق مصادر دبلوماسية، من غير المؤكد أن تتمكن القوات الفدرالية من إيقاع هزيمة سريعة بـ"جبهة تحرير شعب تيغراي" التي تملك معدات عسكرية هامة ولديها نحو 250 ألف مقاتل (قوات شبه عسكرية وميليشيا) مدربين بشكل جيد على أراضي المنطقة الجبلية.
ويقدر عديد الجيش الإثيوبي بنحو 150 ألف عنصر، لكن هذا الرقم لا يشمل القوات الخاصة والميليشيات.
مخاوف مصرية من الحرب الاثيوبية :
حول ذلك كتب محمد ابو الفضل في العربية ان القاهرة تخشي من
استثمار بعض القوى الخارجية للأزمة الإثيوبية والعمل على تكريسها، وإشاعة المزيد من الفوضى في المنطقة، والتي أدت في الصومال إلى دخول متغيرات أثرت على التوازنات التقليدية، ووجدت بعض القوى فرصة في تعميم الانفلات لخدمة مصالحها.
زاد اقتراب دول مثل تركيا وقطر وإيران، بكل ما تحمله من أجندات خفية ومعلنة، مع استمرار الأزمة في الصومال، وتصاعد نفوذ كل منها مع تعاظم دور الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، وتحول هذا البلد إلى مكان آمن لعناصرها، وهو ما وجدت فيه الدول الثلاث طريقا للاستثمار السياسي والأمني، وخلق واقع يخدم أهدافها
تخوض مصر حربا ضارية ضد الإرهاب في الداخل، وترى أن نكبتها في روافده الخارجية، من ليبيا إلى السودان، وقد تكون ارتاحت مع سقوط نظام عمر البشير في الخرطوم، الذي كان حاضنة مهمّة للمتشددين والإرهابيين من دول مختلفة، وغير مستعدة لأن يتحول نفوذ هؤلاء إلى إثيوبيا، مع استمرار تفكك الصومال.
تضع حركة الشباب الإسلامية النشطة في الصومال عينيها على ما يجري في إثيوبيا، ولن تعدم الدول التي تدعمها في العثور على وسيلة لمساعدتها على تمدّد نفوذها هناك عبر الحدود المشتركة، حيث يجد هذا المعسكر ملاذا في الصراعات والنزاعات لانتعاش آماله في التوسع، وتشكيل بؤرة في قلب دول حوض النيل التي تتكون من موزاييك ديني خطير.
ضبطت كل من أديس أبابا والخرطوم شحنات أسلحة مختلفة متجهة إلى إثيوبيا وقادمة من تركيا في الآونة الأخيرة، سلكت دروبا ودهاليز من خلال دول مجاورة كي تتمكن من الوصول إلى هدفها، وهو تسليمها إلى متعهدين في الأراضي الإثيوبية. وتمت التغطية على تفاصيل الشحنات المختلفة، ولم توجه اتهامات رسمية إلى أنقرة
تؤكد هذه النوعية من الأحداث أن انفجار الأوضاع الداخلية في إثيوبيا آخر شيء يمكن أن تبحث عنه مصر للدفاع عن مصالحها، أو حل سد النهضة، وقد تكون تكلفة عمل عسكري محدود أقل وطأة، إذا قورنت بتكاليف تصدّع إثيوبيا على المدى البعيد.
يوفر هذا الطريق لتركيا التي تنتعش سياستها في الصراعات، فرصة للاقتراب من منابع النيل عبر أذرعها من المتطرفين والمرتزقة، وربما تحركهم في هذا الاتجاه، وتطويق مصر من الجنوب، وابتزازها أو مساومتها، وهو مسار أشبه بالكوابيس الذي يصعب على القاهرة أن تستيقظ وتجده ماثلا أمامها.
من نسجوا سيناريو لدور ما للقاهرة في أزمة إثيوبيا فاتهم أن أي انهيار هناك سوف يمثل تهديدا وجوديا لمصر في ظل قدرة تركيا على الاستفادة من الصراعات، ونجاحها في تطوير العلاقة مع العديد من التنظيمات المتطرفة التي تضع بصرها على إثيوبيا، وحاولت اختراقها من جبهة الصومال، غير أن تماسك الدولة وقوتها حالا دونها.