سليمان شفيق
انتظرت ايام عسي ان يكون الخبر غير صحيح .. هل فعلا رحل انيس البياع ؟
كانت دمياط بالنسبة لي تجربة متفردة ، زرت اكثر من ستين مدينة في اكثر من اربعين دولة ، ولكن تظل دمياط ليس في التقاء النهر بالبحر ولكن في المثلث الانساني المتساوي الاضلاع : جمعة سلطان وعلي زهران وانيس البياع ، لا اعتقد انني تقابلت مع ثلاثة اشقاء او اصدقاء او رفاق مثل هؤلاء ، رحلوا ولكنهم ليسوا علي مقاعد الغياب
كان مقر التجمع ملتصق بمنزل انيس، وملتقي للرفاق عبد الرحمن ابو طايل وطاهر السقا والأستاذ سيد النماس والأستاذ الحسيني ، وابناء انيس حاتم وغادة البياع، كان منزل انيس مفتوح مثل ابتسامتة ، مملوء بالمحبة التي تفيض من عيون زوجتة الجميلة امال ، ولا ينقطع فية الكرم والضحك والشغب ، من اول مرة دخلت المنزل شعرت انني من الاسرة ، أنيس مثل اللؤلؤة متعدد المواهب ، اديب وشاعرومؤسس لجمعيات وملتقيات ادبية ، يقرأ الشعر حتي الثمالة في عذوبة انسان وقلب شاعر ، رجل دولة وعمل عام ومعارض فهو المدير الخبير الاجتماعي ورئيس الهلال الاحمر بدمياط ، وقائد ومؤسس لحزب التجمع ، والاهم اب صديق لابنائة وزوج محب لزوجتة ولكن ظل داخلة الطفل الشقي الذي تفضحة ابتسامتة الحنونة ، لم يعرف الكراهية ابدا ، ظل يحتفظ بكل تلك المكونات دون صراع او تنافس مع احد .
كثيرون يختصرون انيس البياع في دورة السياسي ، ومع احترامي لهم ولهذا الدور فأنة يقلص انيس كمن لا يعرف من اين يخرج لهب الشمعة ومصدر طاقتها علي النور.
لابد لي ان اعترف ان أنيس البياع ظاهره ثقافيه فريده ومعقده ويرجع السبب في ذلك الي انطوائها علي ما يمكن تسميته ب (تكافؤ الاضداد)
تكافؤ الاضداد شئ يختلف عن التضارب والنتاقض - هو بكل بساطه القدره علي رؤيه الجوانب المختلفه للشئ الواحد
انيس انسان فاض جزء من توهجة الانساني في الادب ، مثقف عضوي كما يريد "جرامشي" ، مثقف تجاوز دائره ذاته - ليصل الي الانسانية كلها ، انسان قادر علي ان يجعل اوجاع البسطاء همومة الخاصة في ادراك الخطر المستقبلي والحلم بالمستقبل لهؤلاء البسطاء.
لم يكن انيس سوي نهرا له منبع ومصب ينبع من ذاته ويصب في الانسانيه ويحمل مكونات العذوبة وزرقة البحر.
ينتمي به الي دوله الانسان وعيون الكلام . الشعرعنده خلطه كيميائيه
هذا هو انيس البياع الانسان الذي يشبة الحجر الكريم متعدد الالوان وكلما انعكس علية الضوء تألق بلون محتلف ، ولا يمكن النظر اليها من جانب واحد.
انسان من نوع مختلف لم يعرف المساومه ولا الرياء ولا رقصه التانجو السياسيه :خطوه الي الامام وخطوتان الي الوراء
هذا هو انيس الذي نعوة كسياسي ، واراة يضحك من الاعماق ويقول في ابتسامة الطفل وسخرية الشاعر "شكرا"
تعلمت منك الكثير ورايت مالم يراة احد وسلملي علي جمعة سلطان وعلي زهران وزوجتك، وخالص عزائي للدكتورة غادة والاستاذ حاتم ولكل محبيك .
