ولد توفيق باشا أندراوس صاحب القصر الملاصق لمعبد الأقصر بمدينة قوص وورث عن والده الوطنية المخلصة وقد حصل علي دروسه الابتدائية بمدرسة الأقصر ورحل إلي القاهرة لإتمام دراسته فدخل مدرسة التوفيقية الثانوية,ثم سافر إلي إنجلترا ليلتحق بجامعة أكسفورد وأتم دراسته بها وفي الوقت الذي هبت في الأمة روح الوطنية وطلب الاستقلال علي يد سعد زغلول الذي ذهب إليه توفيق باشا وكان صغير السن وطلب أن يكون تحت رايته جنديا من جنود الوطن فأكبر فيه الزعيم سعد زغلول ذلك.
لصاحب القصر مواقف وطنية عديدة ففي عام 1921 تحدي مدير الأمن العام بدر الدين بك حين صادرت الحكومة وسلطاتها حرية سعد زغلول في رحلته النيلية ومنعت الحكومة الباخرة التي يستقلها الزعيم من أن ترسو علي أي شاطيء من شواطيء المدن بحجة المحافظة علي الأمن العام والواقع كان الحيلولة بين الزعيم وشعبة المحب له والمؤمن بأعماله وعظمته وقد حاول الأهالي في جرجا وأسيوط وغيرهما أن يستقبلوا السفينة وفشلوا ووقعت حوادث عديدة إلا أن توفيق باشا لجأ لحيلة شجاعة علي الرغم من قوة بدر الدين بك ومعارضته وتهديداته ورست الباخرةنوبياأمام قصري آل أندراوس باشا,واحتشدت الجماهير بالأقصر لتشهد طلعة الزعيم المحبوب مستغلا أنه كان قنصلا لعدة دول أجنبية فرفع أعلام هذه الدول مما أعطاه الحصانة القانونية وخلد اسم الأقصر باعتبارها المدينة الوحيدة التي استطاعت استقبال سعد زغلول وخلد اسم توفيق في سجل الوطنية الجريئة وفي صحف الوطنيين الأبرار لذلك وقع عليه اختيار الزعيم رحمه الله لانتخابات دائرة الأقصر وفاز بأغلبية ساحقة وأعيد انتخابه مرات وفاز لمحبة أهل الأقصر له وتقديرهم لشهامته وشجاعته.
في العشرينيات أو الثلاثينيات عارض توفيق باشا الحكومة وبلدية الأقصر بتحويل مدافن المسلمين إلي الجبل وأصر أن تكون في مكانها بالسيد يوسف وكان دفاعه في ذلك أن أبناء الأقصر سوف يحتاجون إلي عربات لنقل موتاهم مما يكلفهم فوق الطاقة من الأموال وكذلك فإن تقاليد أبناء الأقصر أن يحمل المتوفي علي الأعناق حتي مسواه الأخير وهو تقليد يحافظ عليه أبناء الأقصر جيل بعد جيل حتي اليوم احتراما للمتوفي وقد منع نقل المقابر إلي أية بقعة نائية.
توفي توفيق باشا في عام 1935 م جنديا مدافعا عن حقوق مصر وأبناء الأقصر فبكاه الأقصريون الأهالي والشعراء والعامة والخاصة والزعماء نذكر منهم علي سبيل المثال الوجيه محمود بك محسب,والشاعر محمد موسي الأقصر,ومحمد عبد الباسط الحجاجي,والمجاهد الكبير مكرم عبيد,والشيخ عبد الفتاح البانوبي القاضي الشرعي وغيرهم من علية القوم وفي ذكري الأربعين فبراير 1935 حضر الزعيم مصطفي النحاس رئيس الحكومة المصرية حفل التأبين وألقي خطبة عصماء في تأبينه.
والقصر-الذي تشغله اليوم كريمات توفيق باشا-ليس ضخما وإن كان ماشهده من أحداث من العظمة والفخامة تحكي عن صاحب القصر توفيق باشا اندراوس