بقلم: ماريا ألفي
منذ ثورة يناير أي ما يقارب من سنة ونصف ومصر تترقب وتنتظر مصيرها والذي يتلخص في رئيسها القادم، فقد قامت الثورة تطالب بالمدنية والعيش بحرية وكرامة إنسانية، وهتف الجميع مسلم ومسيحي وكان الجميع يدًا واحدة في أعظم 18 يوم في رأيي.
وما أن تمت الثورة وتنحى الرئيس السابق "محمد حسني مبارك"، وفي أول تجربة يخضوها المصريين للديمقراطية والاحتكام للصناديق خلال استفتاء 19 مارس على الدستور، فوجئنا جميعًا بوجود حالة من الاستقطاب الديني والطائفية، فرأينا لافتات وتصريحات بأن من يصوَّت بـ"نعم" يكون مؤمنًا، ومن يقول "لا" يصبح كافرًا، وتحولت المعركة لدينية لا ديمقراطية.
 
وإذ بنفس الإسلوب يتبع في انتخابات الشعب؛ ورأينا من يقول على أحزاب "الكتلة المصرية" لتمثيلها المدنية بأنها الكتلة الصليبة، ورأينا نفس حالة الاستقطاب الديني الممنهج ، وبكل أسف تواصل هذا الاستقطاب إلى أن وصلنا إلى الانتخابات المصيرية وهي انتخابات رئاسة الجمهورية، حيث تم استقطاب واسع فأصبح من يؤيد "شفيق" كافر ومن يؤيد "مرسي" هو المؤمن، وانتشرت العديد من الفتاوى فوجدنا أحد الشيوخ يفتي بسرقة بطاسة من يرشح الفلول، ومن يقول أن الدكتور "مرسي" هو مرشح السماء!!
       
وأستمر هذا الاستقطاب إلى أن أنتهت الانتخابات؛ وأصدرت اللجنة العليا للانتخابات النتيجة بالأمس، والتي جاءت لصالح الدكتور "محمد مرسي" وأصبح رئيسًا للبلاد.
وفي الحقيقة؛ منذ أن أعلنت النتيجة ويدور بذهني سؤال واحد هو: هل في ظل حكم الدكتور "محمد مرسي" الذي كان مرشحًا لجماعة الإخوان المسلمين سيظل الدين لله والوطن للجميع؛ أم سيكون الوطن لفصيل بعينة.
وحقيقة الأمر؛ هذا السؤال ألح عليا بعد عدد من المشاهدات؛ وهي:
--في إحدى الأيام ذهبت والدتي وأصدقائها لأداء واجب العزاء، وبعد الانتهاء من العزاء توجها معًا لانتظار تاكسي ليذهب كلاً منهن على بيته، وإذ بهم فوجئوا بملتحي يبصق عليهم علانية ويقول بالنص :"أنتوا لسه برضوا ماشيين براسكوا عريانة، بإذن الله الكل هيتحجب قريب".
 
--فور إعلان النتيجة فوجئنا بمسيرات تطوف شوارع المنيا وتقول "إسلامية إسلامية لا قبطية ولا صليبية".
--تعرضت أخت صديقتي للشتيمة بأبشع الألفاط في الشارع من فتاة منتقبة، وقالت الفتاة المنتقبة :"إحنا خلاص أنتصرنا عليكوا يا نصارى يا كفرة والبلد خلاص بتاعتنا".
كل هذه الأحداث جعلت خوفي يزداد على مستقبل غامض في بلدي، فهل سألقى من يكفرتي وبنتعتي بأبشع الألفاظ ويحتسبني "كافرة"، هل ستصبح "مصر" الذي عشت على أرضها ولم أعرف بلد سواها لا تتحملني على أرضها بسبب جاهلين متشددين.
 
أعرف تمامًا أن مشكلتي خاصة ومشكلة الأقباط عامة لم تكن مع الرئيس الجديد، بقدر ما هي معركة مع التخلف والجهل لأناس متعصبين أعتقدوا أنه بفوز "مرسي" أصبحت "مصر" إسلامية فقط دون النظر لأديان أخرى على أرضها.
وفي النهاية؛ أحب أن أقول أنني مثلما أرى هذه الوجوه المتعصبة أرى أيضًا الكثير من العقلاء المسلمين اللذين أرى فيهم سماحة "الإسلام" الحقيقي، وهم جيراني وأصدقائي اللذين أعتبرهم أكثر من أهلي وفي الضيقة هم أول من ألتجئ إليهم.
فهل سيظل الحال هكذا؛ أم أننا سنجد فتوى تحرم الاحتكاك بالنصارى الكفرة – كما يدعون - ؟!