سحر الجعارة
أحياناً أشعر بأن المجتمع المصرى (بيتلكك) للمرأة، وأن عملية حقن أدمغة الشباب بالهوس الجنسى قد حولتهم إلى «مصاصى دماء - Vampires» يعيشون على افتراس أجساد النساء، إن لم تطَلها أياديهم فبنظراتهم الجائعة لالتهامها، بصورها بتفاصيل جسدها، بأنوثتها «المُستفزة لذكورتهم».. بهاشتاج من التنمر والاستياء وادعاء الفضيلة وإطلاق الأحكام الأخلاقية التى تعكس ما بداخلهم من أفكار سلفية سوداء!.
المجتمع «المتحرش بالفطرة» وجد فى جسد «سلمى الشيمى» ضالته لإدانة النساء، وبث الرعب فى قلوبهن بمفاهيم «الآداب العامة، وخدش الحياء»، وبدلاً من أن يحاكمها على «خرق القانون» وعدم الحصول على التصريح اللازم ودفع الرسوم المقررة لجلسة التصوير.. حاكمها بغرائزه وشهواته، وكأن البعض استبدل القانون بهرمون «التستوستيرون» ليفجر رغباته المكبوتة ويحل أزمته الجنسية بسب «سلمى» وجسدها المثير وملابسها العارية وحركاتها المغرية بزعم أنها أهانت «الحضارة المصرية».. وكأنها أضجت المومياوات فى مضاجعهم أو نقلت هرم «زوسر» من مكانه وهى تتهادى فى خطواتها!.
زلزال «الشيمى» ليس له علاقة بإهانة حضارتنا الفرعونية ولا بالترويج للسياحة، «سلمى» كانت تروج لنفسها وتسعى لتحقيق نسبة مشاهدة عالية، كما اعتادت أن تفعل على السوشيال ميديا، مثل الكثير من الفتيات اللاتى يحلمن بالشهرة، (بالمناسبة الفيس بوك لا يسمح بعرض فيديوهات منافية للآداب العامة)، أما الحضارة الفرعونية فهى أجمل مكان فى الوجود ممكن لأحد أن يأخذ إلى جانبه «فوتوسيشن».. وبالمناسبة «تريند فتاة سقارة» منشور به صور عديدة لراقصات «سهير زكى، نجوى فؤاد» داخل نفس «الحرم الحضارى»!.
أنا لا أدافع عن «سلمى» ولا أدينها ولكن نضع الضجة فى إطارها الصحيح: لم ينتفض أحد لسوء إدارة هذا المكان الأثرى بما له من قيمة حضارية وإنسانية، فكان جواز المرور إليه «رشوة»!.. أعتقد أن كل تصريحات المسئولين عن «حماية الفضيلة» ممن أدانوا «سلمى» بارتكاب «فعل فاضح» لم ينتبهوا إلى الفضيحة الكبرى وهى أن «سلمى» دفعت رشوة 1500 جنيه جنيه للموظفين وأفراد الأمن، الذين سمحوا لها بتصوير الجلسة داخل المنطقة الأثرية وبجوار هرم زوسر المدرج، وكما أعلنت فإن لديها مقطع فيديو يثبت اتفاق المصور مع الموظفين على دفع المبلغ المالى ستقدمه للنيابة، وربما لو كانت تعلم أنه مطلوب أن تدفع رسوماً بشكل رسمى لفعلت.. حدثونى إذن عن «الثوابت الأخلاقية» لحراس حضارة الـ7000 سنة!.
«سلمى» ضحية موظف بلا ضمير لم يرشدها للطريق السليم لأننا مجتمع يهوى الطرق الملتوية.. كما أنها محكومة بتراث فقهى وقدر من الأحاديث الضعيفة يحرم وجودها فى الحياة أساساً: لأن كلها «عورة»، ولأن «أبوإسحق الحوينى» قال إن وجه المرأة كفرجها، وهى ملعونة إذا سافرت دون محرم ذكر، أو حفت حواجبها.. إنها «زانية» لو تعطرت.. فما بالك لو تجسد الشيطان فى جسد من «السيليكون» فى حضرة الفراعنة؟!.
فى مناخ عام يجلد «ضحية التحرش أو الاغتصاب»، ويحلل ضرب الزوجات واغتصابهن فى الفراش «حتى لا تلعنهن الملائكة»، ويمنعهن من التعليم أو العمل أو الميراث تصبح سلمى «ملعونة» لأنها أرقت رغبات الذكر الموقوتة على رؤية جزء من جسد امرأة عار «حتة لحمة»!.
إن شئت أن تختبر كلامى، ففتش عن فيديو «نيرة شوكت»، وهى فتاة رقيقة «محجبة» طالبة بالفرقة الثانية بكلية الآثار، قامت بتصوير فوتوسيشن بمعبد الكرنك بالأقصر، ورغم أنه قديم استخدمه البعض للرد على فوتوسيشن سقارة.. واستمع إلى تصريحات المصور «عبدالله منصور»، وهو من الأقصر، وهو يحدثك عن قدسية المعابد الفرعونية وضرورة أن يكون التصوير بداخلها يتسم بـ«الحشمة» والاحترام للتاريخ والحضارة الفرعونية.. لاحظ أنها الحضارة نفسها التى أفتى «محمد حسان» عام 2010 بأنه إذا وجد الإنسان آثاراً فى أرضه أو أى مكان يمتلكه فهى زرق من عند الله ومن حقه.. «أما إذا وجد أى آثار مجسدة فى صورة أشخاص فلا بد أن يطمسها».. حتى إن تراجع عن فتواه، فسنظل نتذكر أنه خلال حكم عصابة الإخوان تمت «تغطية» تمثال أم كلثوم بالمنصورة!.
ولا يمكن لأحد أن ينكر أن بناة الأهرامات كانوا يعبدون الفراعنة (كفرة يعنى)، ولم يكن بينهم أنبياء!.
أخيراً من يتحدثون عن «تسليع المرأة»: فإن من تعرت كالحلوى للذباب «سلعة» ومن قدمت نفسها بالحجاب «سلعة مغلفة بالسيلوفان» لرجل يخشى أن يقال إنه «ديوث»!.
نقلا عن الوطن