خالد منتصر
صار السفر بعد «الكورونا» قطعة من الجحيم، مسحة ذهاب ومسحة عودة، رعب فى المطارات، الإجراءات صارت مملة وصعبة، فقد السفر جماله وبهجته بعد هذه الملعونة «الكورونا - كوفيد ١٩» حُرمنا من السفر الذى فيه سبع فوائد، وجعل كل المتطلبات من الفيزا حتى التذكرة وإجراءات التفتيش والحجر الصحى عذاباً مزمناً، لا يعرف العالم متى يتخلص من صداعه، لم تعد المطارات هى التى تتطلب المسحات فقط، بل صار السفر من مدينة إلى مدينة يتطلب البى سى آر!!، منذ فترة حكى لى صديق يسكن فى الشارقة ويعمل فى أبوظبى أنه كان يجرى مسحة يومية عند الدخول، وكانت التكلفة وقتها خمسين درهماً، لا أعرف إن كان الوضع قد تغير الآن، لكن هكذا كان الوضع فى دولة عربية شقيقة، ولها الحق،
فالإجراءات الاحترازية الصارمة مطلوبة مع هذا الوحش المرعب الغامض المراوغ، وحكت لى صديقة أنها دفعت فى أمريكا قبل مجيئها إلى مصر ١٥٠ دولاراً للمسحة فوق ثمن التذكرة، هذا مجرد جزء من القصة، ولمحة من منغصات السفر بعد الكوفيد اللعين، لكن السؤال المطروح اليوم هل بعد الفاكسين ستصبح إجراءات السفر أسهل؟، وهل سنعود كسابق عهدنا؟، الإجابة للأسف لا، وكما قلب «بن لادن» إجراءات السفر رأساً على عقب، وجعل الناس يخلعون الأحذية فى المطارات، ويتعرضون للتفتيش الذاتى، ومنع صعود السوائل على الطائرات، وتمرير ما يكتشف المتفجرات على الشنط والأجساد، وإخراج الكمبيوترات المحمولة من الحقائب.. إلى آخر تلك الوسوسات التى زرعتها أحداث سبتمبر فى مطارات العالم، سيقلب «الكوفيد» هو الآخر الأوضاع ويشعل نار الهلاوس الزائدة على الحد والمبالغ فيها فى مطارات الدنيا، فهناك أسئلة كثيرة مطروحة، أولها أى فاكسين سيختاره البلد الذى ستسافر إليه،
افرض مصر التى ستسافر منها ستستعمل فاكسين الصين أو روسيا، وإنجلترا تريد فاكسين فايزر ولا تعترف إلا به، ماذا سيكون الوضع؟، وهل ستمنعك من الدخول؟!، ثانياً: مدة ظهور فعالية الفاكسين، افرض أن الفعالية ستظهر بعد شهر وأنت سافرت بعد يومين من الفاكسين، هل سيحجزونك فى فندق إلى أن تظهر فعالية الفاكسين؟!!، ثالثاً: هل سيحميك الفاكسين طوال العمر؟، أم أنه محدود بمدة، وما تلك المدة؟، وإذا كنت قد أخذت الفاكسين فى الرحلة الأولى إلى بلد ما، وسافرت بعدها بثلاثة شهور إلى بلد آخر، فهل سيطلبون حقنك مرة أخرى، أم أن الفاكسين الأول شغال؟!!، رابعاً: هل مطلوب منك مسحة إلى جانب الفاكسين للتأكد، أم أنهم سيكتفون بالفاكسين فقط بدون مسحات؟، أسئلة كثيرة حائرة ترغمنا على أن نقول، لقد فقد العالم أمانه وهدوءه وتواصله بعد «الكورونا»، ولم يعد العالم قرية صغيرة، كما كنا نقول ونردد دائماً، بل صار العالم قرية خائفة مرعوبة متوجسة.
نقلا عن الوطن