وسيم السيسي
بدأت الدراسة على المخ البشرى فى بواكير القرن العشرين، وكانت مصادر الدراسة: ١- إصابات الرأس وما يليها من تغيرات نفسية أو جنسية. ٢- الجراحات على المخ وما يليها من تغيرات. ٣- الرسم الكهربى للمخ فى أوقات الغضب أو الحزن أو الفرح. ٤- أسلاك كهربية فى أماكن معينة للإثارة أو تسجيل انفعالات. ٥- أنابيب رفيعة لأماكن معينة لحقن هرمونات.
تألق فى هذا المجال ثلاثة من العلماء:
١- إيريك هولمز. ٢- بول ماكلين. ٣- جون ليللى J. Lilly، وجدنا أن المخ البشرى مكون من مخين:
١- مخ قديم معنا منذ أربعة ملايين وأربعمائة ألف سنة «لوسى، آردى» مكون من الهيبوثالامس، Limbic System، مجموعة من الأنوية «جمع نواة»، مساحات معينة للغرائز مثل الخوف، الغضب، الأمومة، الجنس.. هو باختصار مخ الدفاع عن النفس + بقاء النوع.
٢- مخ جديد، تطور عبر ملايين السنين، من لوسى وآردى، إلى إنسان بكين، إلى إنسان نياندرثال، إلى إنسان سوماطرة وجاوة وإندونيسيا، إلى إنسان الكروماجنون فى جنوب فرنسا «أربعون ألفًا من السنين»، هذا المخ الجديد هو: الفصان الأماميان: Tow Frontal Lobes وبهما مبادئ الأخلاق، واحترام الآخر، وأخيرًا الأديان.
المؤسف أن الخيوط العصبية ما بين المخ الجديد والقديم قليلة جدًّا؛ لذا سيطرة الجديد على القديم شبهها أحد العلماء «جانونج» بقوله: مثل الفارس على ظهر حصان قوى جامح ولكن دون لجام!!.
إليكم بعض التجارب المثيرة على حيوانات التجارب:
استأصل إيريك هولمز الفصوص الزمنية Temporal Lobes من القردة والقطط، فأصيبت بالجنون الجنسى، حاولت الاتصال الجنسى حتى بحيوانات من نوع آخر، حتى بالدجاج، حتى الدببة المصنوعة من القطن للأطفال، ولما حرمها من أى شىء، لجأت للعادة السرية!
أما بول ماكلين، فقد أوصل سلكًا للهيبوثلامس «مركز الجنس» فى مخ شمبانزى لتسجيل الإثارة الجنسية فى المخ، فكانت المفاجأة: عاصفة كهربية عند قمة النشوة الجنسية «الأورجازم» فقال: النشوة فى قمتها إنما هى جماع مخين، وليست جماع جسدين.
أما جون ليللى فحين دمر نواة الأميجدالا عند الشمبانزى، ضاع الخوف، حتى الرعب من الأفاعى، كانت تمسكها، بل حاولت أكلها!!
وكان من تجارب ليللى أيضًا وضع أنبوبة رفيعة فى مركز الجنس عند الشمبانزى، وحقن الهرمون الذكرى، فحدث انتصاب، وهذا يوضح دور هذا الهرمون. توصل بول ماكلين لأماكن اللذة الجنسية، فأوصلها بأسلاك رفيعة، وأوصلها بتيار خفيف، يصل إلى مخ الشمبانزى إذا داست على دواسة، فكانت الشمبانزى تضرب بقدمها خمسمائة مرة فى الساعة، وامتنعت عن الطعام والشراب يومين حتى أوشكت على الهلاك، إلى أن فصل بول ماكلين عنها تيار اللذة الكهربى هذا.
أما تجارب العلماء الثلاثة على مساحة الأمومة فى المخ وتدميرها «Singular»، فتخلت القطط والشمبانزى عن أطفالها. جدير بالذكر أن الأبوة ليست غريزة كالأمومة.
أخيرًا أصيبت امرأة بالجنون الجنسى، Nymphomania، وبواسطة الرنين المغناطيسى على المخ، وجدوا ورمًا ضاغطًا على مساحة الجنس، وبعد الاستئصال، عادت إلى طبيعتها، صحيح إذن: من عرف كل شىء قد يغفر كل شىء، كما يقول الفرنسيون:
Ce Tous ComPrendre
Ce Tous PArdoner
نقلا عن المصري اليوم