محمود العلايلي
طالعتنا جريدتنا «المصرى اليوم»، صباح الأربعاء، بخبر عنوانه الآتى: «الأزهر يبدأ الاختبارات الشفهية لاختيار مبعوثيه بدول العالم»، وبحسب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، فإن الاختبارات تستمر أسبوعًا، وتعتمد الاختبارات الشفوية على معايير واضحة فى تقييم المتقدمين بما يضمن اختيار أكفأ العناصر، التى ستمثل مصر والأزهر فى مختلف الدول التى سيتم الإيفاد إليها، كما أكد السيد الأمين العام، فى نهاية تصريحه، أن الأزهر يحرص دائمًا على اختيار العناصر الدعوية المبتعثة إلى الخارج من خلال مراحل اختيار متنوعة، تضم فى لجانها نخبة علمية متميزة من علماء وأساتذة جامعة الأزهر.
والحقيقة أن خبرًا كهذا كان من الممكن أن يمر مرورًا كريمًا لولا الرغبة فى وضع حدود فاصلة بين التساؤل والتوجس، حيث يؤدى كل منهما إلى الآخر مادامت الأمور لم تتضح أو يتم تغييبها عن عمد أو عن غير قصد، فما الدور الاستثنائى الذى سيلعبه مبعوث الأزهر فى أى دولة من دول العالم؟ وما الفائدة السياسية التى عادت على مصر منذ بدء تنظيم هذه البعثات والى الآن؟ والسؤال الثالث: هل هذا الشخص، قادر على أن يمثل مصر فى أى محفل دولى أو أى دولة خارجية؟ وقبل الآخر، ألم تتعلموا من ظرف الوباء العالمى مَن الذين يُطلق عليهم العلماء عن حق؟ وأخيرًا، أليست مؤسسة الأزهر من مؤسسات الدولة، وتُعد مخصصاتها من بنود الموازنة العامة للدولة، أم أن المادة السابعة من الدستور التى تنص على أنه هيئة إسلامية علمية مستقلة تجعله بعيدًا عن المساءلة السياسية أو المحاسبة المالية؟
وقد أتت تساؤلاتنا فى صيغة توجسات، وذلك لأنه ليس معنى أن يكون ما ألفناه بحكم العادة هو الأمر الواقع، الذى لا تتم مراجعته سواء فى أسبابه أو الهدف منه، والأهم هو توفير المخصصات المالية المطلوبة له، والتى من الأفيد أحيانًا توجيهها إلى بنود أخرى فى الموازنة العامة للدولة، وإذا كان لابد من توجيهها إلى البعثات الخارجية فلتتوجه لإرسال البعثات الموجهة للبحث العلمى لعل ذلك يعود بالنفع على المناخ العام للتعليم والبحث العلمى بإتاحة الفرصة لأعداد أكبر من الطلبة للاحتكاك والاستفادة بالمدارس العلمية المتقدمة، بدلًا من الإصرار على تقديم نماذج لا تملك من مقومات الحداثة شيئًا بحكم ظروف النشأة والتعليم، ثم بحكم التعالى بالزى والهيئة.
إن الابتعاث الخارجى مسألة فى غاية الأهمية والخطورة، ليس على سبيل الأدوار الملعوبة فقط ولكن على سبيل التبعية، فهل يأخذ المبعوث تعليماته ويقدم تقاريره إلى وزارة الخارجية أم جهاز المخابرات العامة، وما السلطة التى لمؤسسة الأزهر ليكون لها مبعوثون خارج نطاق هاتين المؤسستين السياديتين، مما أدى إلى ازدياد الفجوة بين مصر وأكبر الدول الإسلامية السنية عددًا، مثل ماليزيا وإندونيسيا، التى يجنح بها الهوى الإخوانى سواء بسبب البعثات الخارجية لهذه الدول أو بسبب طلبة البعوث الإسلامية، الذين يعيشون فى مصر بالسنوات دون رقابة أو حساب، وإذا لم يكن هذا بسبب هذه البعثات أو بسبب هؤلاء المبعوثين، فماذا فعلت هذه البعثات للمعاونة فى مساندة الموقف السياسى المصرى لأن من حق المواطن المصرى أن يتعرف، ولو على قصة نجاح وطنية واحدة من طرف مؤسسة الأزهر لاستعادة الثقة وتثبيتها، بدلًا من الكلام عن الثوابت والتمسك بالمألوف والمعروف والمأثور، كما أن من حق المواطن أيضًا أن يعرف أين وكيف تُنفق أمواله، فى وقت تقوم فيه البعثات الدبلوماسية المصرية بالأدوار المنوط بها القيام بها لتمثيل مصر فى كافة الدول دون الحاجة إلى شيخ مُعمَّم أو داعية ملتحٍ.
نقلا عن المصرى اليوم