"بدران" فكك خلايات جماعة الإخوان المسلمين.. وأصبح عدوهم الأول
كتب - نعيم يوسف
رحل خلال الأيام الماضية واحدًا من أشهر رموز نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.. إنه شمس بدران، الذي كان وزيرا للحربية في عصر ناصر، والذي يعتبر مجرد اسمه فقط مرعبا، ومؤلما لجميع عناصر جماعة الإخوان المسلمين.
في محافظة الجيزة، القريبة من العاصمة المصرية القاهرة، ولد شمس الدين بدران، في عام 1929، وكبر فيها إلى أن التحق بالكلية الحربية، ويبدو أن حياته كلها كانت استثنائية، حيث تخرج من الكلية بعد 6 شهور فقط من التحاقه بها، للمشاركة في حرب فلسطين.
بدايته مع الضباط الأحرار
أثناء وجوده في فلسطين تعرض للحصار مع مجموعة من الضباط المصريين، وخلال هذه الفترة قويت علاقته بهم، وانضم لهم في تنظيمهم المعروف بـ"الضباط الأحرار".
عندما تمكن الضباط الأحرار من الإطاحة بالملك فاروق، والسيطرة على حكم البلاد، عام 1952، صعد معهم نجم شمس الدين بدران وأصبح مديراً لمكتب عبد الحكيم عامر النائب الأول لرئيس الجمهورية ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان مقربا من جمال عبدالناصر، وعبدالحكيم عامر.
خلال هذه الفترة، وعقب القضية المعروفة بـ"قضية 1965"، أسند إلى "بدران" واحدا من أهم الملفات التي كان تمثل تهديدا شديدا لعبدالناصر، وهو ملف جماعة الإخوان المسلمين، رغم أنه كان يعمل في وزارة الحربية، وكان جهاز أمن الدولة هو المسؤول عن هذا الملف.
شمس بدران والإخوان
أشرف "بدران" على تفكيك خلايا الجماعة الإرهابية، وزج بالآلاف من عناصرهم وقادتهم في السجون، وانتزع منهم اعترافات كثيرة، لدرجة أنه لقب بـ"عدو الإخوان الأول"، و"قاهر الإخوان".
تحدث عناصر من جماعة الإخوان عن التعذيب الذي تعرضوا له في السجن الحربي، بإشراف من شمس بدران، كما روجت العديد من الأعمال الدرامية لهذه النقطة في تاريخه، وقالت القيادية الإخوانية زينب الغزالي، إنها تعرضت للتعذيب في السجن الحربي، إلا أن "بدران" -رغم اعترافه بتعرض بعض عناصر الإخوان للتعذيب- نفى كل ما قالته زينب الغزالي، وقال في مداخلة هاتفية مع قناة صدى البلد: "دي ست تخينة متتعذبش.. محدش قرب منها خالص.. هي كتبت كلام كتير.. كلام فارغ كله تأليف".
يرى "بدران" عناصر جماعة الإخوان أنهم "ناس مجانين في دماغهم.. ومسيطرة عليهم أفطار معينة ويعملوا أي حاجة.. وكانوا هيدمروا مصر.. وكانوا هيدمروا المرافق كلها.. وهينسفوا السد العالي.. لكن الشباب بتوعهم رفضوا تدمير السد العالي بس وافقوا على باقي المنشآت الأخرى مثل الكباري وغيرها".
رئيس محتمل
عقب نكسة 1967، كان مصير "بدران" على المحك، فبينما كان "عبدالناصر" يريد إسناد رئاسة الدولة له، تدخل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وأقنع "ناصر" بأن هذه الخطوة قد تثير الرأي العام، لأن "بدران" واحدا من المسؤولين عن الهزيمة، وبالفعل تم إسناد رئاسة الجمهورية -مؤقتا- عندما تنحى عبدالناصر إلى زكريا محيي الدين، وأحيل "بدران" للمحاكمة مع مجموعة من قادة الجيش، وتم الحكم بسجنه، وظل في السجن حتى 23 مايو 1974، حيث أفرج عنه الرئيس أنور السادات، وسافر إلى العاصمة البريطانية لندن.
استقر "بدران" في بريطانيا، ولم يعد إلى مصر مرة أخرى، رغم رغبته في ذلك، وخرج في عام 2014 في مداخلة هاتفية مع قناة صدى البلد، تحدث فيها عن رأيه في العديد من الشخصيات.
آرائه في آخر عمره
قال "بدران"، إن "جمال عبدالناصر كويس قوي، وهو اللي بدأ ثورة 23 يوليو، كان ديمقراطي، وعايز يسيب الحكم، ولكن بعد وقت دخلوا في دماغه أنه أسطورة العصر والزمان، فاتغير، بعد حرب 1956، وأقنعوه إنه انتصر على ثلاث دول بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، لكنه في الأول كان كويس قوي وصادق ومش بتاع فلوس".
وأكد أن "التاريخ ظلم عبدالحكيم عامر، لأنه هو اللي أنشأ الجيش المصري، وقبل الثورة كانوا بيسموه (جيش المحمل) لأنه مكانش له شغلانة غير إنه يودي كسوة الكعبة للسعودية، لأن السعودية كانت فقيرة، ولما جه عبدالحكيم عامر هو اللي أنشأ الجيش المصري".
أما عن التعذيب في هذا الوقت، قال "بدران": "التعذيب كان في كل حتة.. في السجن الحربي.. وفي المباحث العامة.. والبوليس.. والتعذيب كان موجود في السجن الحربي منذ الحرب العالمية الثانية.. والإنجليز هما اللي اخترعوا التعذيب ده.. لتعذيب العساكر الإنجليز اللي بيهربوا.. وده الروتين المتبع في السجن الحربي.. وأصبح السجن الحربي جحيم أكتر من جحيم الحرب علشان ميهربوش.. ومشيت الأمور بهذا الشكل".
استكمل "بدران" السنوات الباقية من عمره غريبا عن بلده، حتى وافته المنية يوم 28 نوفمبر الماضي، ورحل عن عمر يناهز الـ91 عاما.