عبد المنعم بدوى
ترددت كثيرا كلما حاولت أن اقترب بقلمى بالتحليل والدراسه وسبر أغوار ، هذه الشخصيه الساحره ... " رشدى أباظه " .
كان مما يثير دهشتى ، بل وأكثر من ذلك كان يثير غيظى ، حين أراه يلعب دور البطوله المطلقه فى فيلم ، ثم أراه يقبل ويرضى لنفسه أن يلعب دورا ثانويا أو هامشيا فى الفيلم الذى يليه .
كان السؤال الذى يحيرنى دائما وكنت أود أن أوجهه له ــ لو كان لسه عايش ـــ : لماذا هذا التوجه المتذبذب فى الأدوار التمثيليه بين صعودا وهبوطا ؟ مره بطوله مطلقه ، ثم دور هامشى أو ثانوى بجوار ممثل صاعد أو ممثله صاعده ؟ على عكس معظم النجوم الذين يرفضون أى دور غير البطوله المطلقه .
فى ذات يوم تلقيت دعوه لحضور حفل موسيقى فى دار الأوبرا ... كان مقعدى فى صف متأخر من المسرح ، ولمحت من بعيد الموسيقار " عمر خيرت " يجلس بالصف الثانى فى منتصف القاعه ، فأشار لى صائحا : " تعال أقعد جنبى ، فيه كرسى فاضى هنا " .
الصفوف الأماميه كالعاده ، كانت مخصصه للوزراء وكبار المسئولين بالدوله ، والمشاهير من النجوم ، ومنعنى منظموا الحفل من الأنتقال الى تلك الصفوف ، فتلفت حولى والعرق بغمرنى بالكامل ، حتى أنقذتنى يد صديقى " محمود القلعاوى " وهو أستاذ البيانو فى معهد الكونسرفتوار قائلا : تعال أوصلك بسرعه قبل المسأله ماتكبر .
همس لى ونحن فى الطريق قائلا : أنت فنان ، والفنان يجب أن يجلس دائما فى المقدمه .. .
ردت عليه بسرعه : المقدمه المؤخره مش مهم ... المهم الواحد يجلس فى المكان اللى يشعر فيه بالراحه ويختاره بحريه .
بعد أنتهاء الحفله وعودتى للمنزل ... وجدت الأجابه التى حيرتنى وأستفسارى عن اختيارات " رشدى أباظه " لأدواره ومكانه فى السينما : كان رشدى أباظه يختار مكانه دائما... بالحريه والصدق والحب ، سواء كان فى المقدمه أو المؤخره .