Oliver كتبها 
الفصل الثانى
-العذراء تسير خاضعة لخطيبها يوسف فى طرق أورشليم مع أن في بطنها الطريق ذاته.أنفاس الجنين تنطق فيها بالروح لذلك كان الصمت حديثها.تتأوه و هى فرحة.
 
إجهاد الطريق يؤلمها و قرب رؤية الحبيب يسعدها.أحشاؤها تحمل حامل الأكوان.
 
هذه الجبارة فى إيمانها العالية المقدار فى حبها تتوكأ على يد يوسف .لمساتها له تباركه.يشع وهج القوة من الجنين لكليهما.فيبدو الوعر سهلاً .
 
-لم يكن على المرأة ضريبة و لا حق التصويت لكن العذراء  فى تواضعها غادرت معه .تبعت رجلها بغير تأفف.منذ حل الروح القدس عليها صارت العذراء كتاباً للنبوات.
 
كل النبوات داخل أحشاءها تتنفس.أنفاس الجنين مدرسة تتخرج منها الأمومة.لكن هذا لا يمنعها من خدمة يوسف البار.كان شيخاً و كانت تعينه .قدر طاقتها تخدمه بكل محبة و الوقار بينهما بغير جهد.
 
-عيناها الوديعتان تمرقان بين الزيتون و بين الصفصاف.ترانيم جدها داود حاضرة.تسبحة زكريا الكاهن تدور فى عقلها.إبن نسيبتي سجد لإبنى .جنينان يتبادلان الحديث.كانت منشغلة بهذا الحديث لأنه فى أحشاءها فتسمعه.حديث الأجنة أعجوبة.سمعت أليصابات فإبتهجت و سمعت العذراء فصمتت.تمسكت بالصمت لأن كل كلمة تخرج منها و فى بطنها الجنين قد يعتقده الناس إنجيلاً.لهذا إنتظرت حتى يتمم الكلمة رسالته.سارت صامتة.لكن خطواتهما ترسمان التاريخ.لم يكن من يستوعب هذه الرحلة التى ستتصدر كتب الشعوب.
 
- على ضفتي الجبل تبصر نهر الأردن .وجوه رأوبين و جاد تصادفهم فى الطريق فلا يعيران إهتماماً لكن لو كان أبوهما يعقوب ههنا لعرف من هذه المرأة المدهشة و من هذا الرجل الوقور و عرف مَن بينهما مختفِ. لكان يعقوب قد صرخ لا أطلقك إن لم تباركنى.فقد صارعه حتي الفجر و عرف أنه إبن الإنسان .
-- نظرت إفرايم من بعيد فلم يتذكر شيئاً مع أن منسى يتذكر و كلاهما إبني يوسف الصديق رمز المسيح من آلاف السنين.لو رآه فى أحشاء البتول لرقص مثلما رقص جدها داود قدام تابوت العهد.سيحون و عوج تبصران و تصفقان للمولود لذلك تغيرتا من المعاندة إلى الترحيب و الهتاف.لكنه هتاف الأرض لا الشعب الغافل.كانت أصوات ملائكية تأتى و تروح.ذكريات تسابيح قديمة تحيط بالموكب الملوكى.تنتفض كلمات الأنبياء كلما إقتربا من موضع ظهرت فيه البصمات الإلهية.كل الأرض تهتف.العذراء لا تغمض عيناها كثيراً لأن ما تراه داخلها ليس كما نراه خارجنا.يسير يوسف حارس بتوليتها مشتاقاً أن يحملها كى يريحها لكنه وهن السنين.
 
-إقتربا من صهيون .صهيون الأم لم تعرف العذراء الأم.لكنها صاحت أن إنساناً و إنساناً قد ولد فيها و هو العلى الذى أسسها.ها هو آت بسحابته المنيرة.صهيون تفرح دون أن تفهم.ليس لظلام الغابات سلطان.كأن اللصوص قد غابوا عن غابات أورشليم.يوسف يتأمل.قد رأيناه فى موضع الغابة.أزيحت أشجار قطاع الطرق عن الطريق.كأن الخراف مهدت الوعر القاسى.الوحوش هربت و العائلة المقدسة وصلت اليهودية بمشقة.صهيون تنتظر .لسان جلعاد ينفك.لأن أصبع الله نحوه.
 
- إقترب جداً موعد خروج الجنين من أحشاء البتول.بدأت آهات مضطرة تفلت من بين شفتى العذراء.يوسف يعرف آلامها و يتألم معها.يطمئن نفسه أن الجنين معهم.يسوع المخلص هكذا أخبرنى في حلم و هو سوف يخلصنا الآن,في عيون العذراء لمعت كل الآيات. يوسف يدخل طريق اليهودية .الخطوات تقترب من بيوت سبط يهوذا. لم ينتظر يوسف البار.ظل يقرع كل باب.يخرج صاحبه و يتفرسهما ثم يصرفهما بلا رحمة.البعض لأجل المال و البعض لأجل عدم تنجيس البيت من طمث الولادة.لو علم هؤلاء أن الذي يطهر من الدنس هو المولود ما خشوا شيئاً و لا داهمتهم أوهامهم.مع أن الآيات مكتوبة في عيون العذراء و خطيبها.مقروءة فى صوت الشيخ الوقور.أنات العذراء كسيف يجوز فيها لكن صبرها أقوى من السيف.
 
- بدأت الأفكار تحوم حول يوسف كالذباب و كان يزجرها إذ تأتيه لتسأله لو كان هذا إبن الله فكيف لا يجد لنفسه بيتاً أو حتي يهبط بيتاً له من السماء؟ كيف يرفضونه بهذه الجرأة و هو راض؟ إنهم يخشون دم خلاصه مع أن الخلاص بدمه.لماذا لا تطلب منه أمه لو كانت خطيبتك أم إبن الله؟ لماذا ينتظر عليها في آلامها؟ كان يوسف ينظر عيني العذراء و كانت العذراء تدرك هذه الأفكار لكنه في عينيها الوديعتان يجد ردوداً.لقد كانت أعظم من جبل روحى.بل قمة الجبل الذى صعد عليه موسى و رأي الرب.فشلت أفكار إبليس فهرب و بقي يوسف منتظراً أن تنطق العذراء فلم تنطق.
 
- تهرب من شفتي العذراء بسمات يتلقفها يوسف كهدايا ثمينة و روح مشجعة و في قلبه يمتدح العذراء الحنونة إذ فى آلامها تسند المتعبين.تشفع فى رجلها فيتبدل أمره من وهن الشيخوخة إلى شباب الروح و القلب.تدخل قوة فى عضد يوسف فيهتف عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة.ما أعظم شفاعتك يا حبيبة العمر.
 
- يستمر المشي و يستمر رفض أصحاب البيوت حتى وصلا إلي أطراف يهوذا.قرب المنحدر تقبع قرية صغيرة لم يعتن بها سبط يهوذا مع أن فيها سيسجل العالم مولده.سيبدأ تاريخ التاريخ.بيت لحم قرية فقيرة فحتما ستجد مسكناً يرضي بهما.لكن ما حدث أنه كما رفضه الأغنياء في يهوذا رفضه الفقراء في بيت لحم حتي لم يعد مطلبهما السكن في فندق بل السكن فى حظيرة؟ فإقتربا من أحد الحظائر و على مقربة منه قصراً لصاحب الحظيرة.قرعا باب القصر وقتاً طويلاً حتى فتح أحدهم الباب متأففاً فرآهما ثم أغلقه و تكلم معهما من خلف حجاب الباب.
 
- صوت أنفاس العذراء المرتفع إخترق الحجاب.يوسف صاح لصاحب المغارة نريد موضعاً.مريم ستلد سريعاً.فتح الرجل.قادهما صوب المغارة.كهف مليء بالحملان الضعيفة جلست العذراء كيفما أتفق.نظر يوسف شاكراً الرجل.غادر صاحب المغارة.تبعه يوسف ليتفاوض على مقابل السكنى فى حظيرة.توجعت العذراء قرب مزود البقر.بدأ المخاض لأن إبنها البكر خارج إلى العالم..