عاش سنوات عمره يخدم مرضاه دون كلل، كان همه مساعدة البسطاء وعلاجهم إلى جانب تعليم الأطباء الشباب، فرضت مواقفه احترام الجميع حتى أطلقوا عليه لقب "طبيب الغلابة"، شاء القدر أن تصعد روحه إلى بارئها بعد تواصله مع مريض لوزصف الدواء لحالته.
الدكتور أحمد السعيد البريشي، استشاري أمراض الباطنة والكبد والحميات ورئيس رابطة الباطنة والحميات بمحافظة دمياط، توفي بعد الاشتباه بإصابته بفيروس كورونا المستجد وسط حالة من الحزن ألمت بالجميع سواء مرضاه أو زملائه الأطباء.
يقول نجله "إسلام": "بعد تعرض والدي لوعكة صحية شديدة لمدة عام ظل على إثرها بمنزله لا يغادره، ورغم ذلك كان حريصا على متابعة مرضاه عبر الهاتف يتابع حالاتهم ويكتب لهم العلاج، ثم قرر النزول لعيادته الخاصة بعدما أكد لذويه عدم مقدرته على البقاء في المنزل خاصة وأنه عاش من أجل مرضاه".
بعد أيام قليلة من نزوله للعيادة بدأت صحته تتدهور، وقبل نقله إلى المستشفى كان يتابع حالة مريض هاتفياً ويصف له العلاج، وحينما خضع للفحوص الطبية اشتبه الأطباء في إصابته بفيروس كورونا، وأجريت مسحة ثبت سلبيتها، وأثناء اتخاذ إجراءت عزله توفي بعد 9 ساعات، قبل أن تجرى له المسحة الثانية: "والدي قرر النزول لعيادته الخاصة قبل الإصابة بعشرة أيام حيث كان يتعامل خلالها مع المرضى مباشرة وبدأت الأعراض تظهر عليه وبعد إجرائه تحاليل طبية تبين أن حالته سيئة ثم نقل لمستشفى الحميات، ليتوفى بعد دخوله بـ9 ساعات نتيجة أزمة تنفسية حادة وفقا لتقرير الوفاة".
وعن ظروف مرضه السابق يقول أنه عانى من وعكة صحية قبل عام لينقل على إثرها للمستشفى وتم تركيب جهاز منظم ضربات القلب وخلال تلك الفترة كان يشعر بالضيق لمكوثه في المنزل وحينما بدأ يتعافي ويقرر العودة للعيادة ظهرت جائحة كورونا، فأغلق عيادته الطبية لتجنب الاختلاط المباشر مع المرضي بناء على توصيات طبيبة وحرص على متابعة حالة مرضاه هاتفيا".
"دائما ما كان يردد خلال الفترة التي قضاها بالمنزل رغما عنه لظروفه الصحية: أفضل أن أموت وأنا بشتغل بدل ما أموت وأنا في البيت أنا عايش لخدمة الناس وبس و معرفش أقعد في البيت يا ولاد " قالها "إسلام" مشيرا إلى أن أطباء القلب نصحوه بعدم النزول من المنزل و لكن شاء القدر لتصعد روحه لبارئها وقبل وفاته بساعات قليلة كان على اتصال هاتفي مع طبيب القلب كما تواصل مع مريض ليصف له الدواء قبل أن ينقل للمستشفى بدقائق.
كانت النقابة العامة للأطباء نعت الفقيد في بيان لها جاء فيه: "عُرف عن الفقيد حبه لعمل الخير، ظل يعمل في عيادته بكشف بسيط وهو إستشاري كبير، وأهتم كثيرا بتعليم شباب الأطباء وكرس له من وقته وجهده" ودعت النقابة للفقيد بالرحمة وتقدمت بخالص العزاء لأسرته الكريمة سائلين الله أن يرحمه برحمته الواسعة وأن يُسكنه مع الأبرار والشهداء.