ﭽاكلين جرجس
نعيش هذه الأيام الاحتفاء بذكرى من دعانا عبر برامجه لأن نرى الموسيقى لنستشعر روعة وحلاوة الإحساس بتلك الرؤية التي عاشها عبر أيام وليالي عمره بالإضافة لسماعها لأنه البصير بأسرارها بعد أن منحها عمره كله فمنحته مالم تمنحه لأي من أقرانه في دنيا النغم البديع ، هو الغواص والباحث العبقري المدقق المرهف الحس والمشاعر "عمار الشريعي " ..
 
أرى أن عمار الشريعي يعد أحد  دلالات عظمة الخالق التي يمنحها المولى القدير لخلقه ، فبالرغم من كونه ولد كفيفا لكنه نبغ فى رؤية أسرار أصابع العزف على البيانو والأكورديون ، وأوتار العود وحناجر وأفواه من لحن لهم ، وهو ابن إحد مراكز محافظة المنيا في صعيد مصر ، وعندما كان عمره ثلاث سنوات علمته ابنة عمه العزف عن طريق تسمية النغمات بأسماء الأصابع ،وبدأ في تعلم التدوين الموسيقي وعمره سبع سنوات وهو في المدرسة، ثم درس العزف على ألة البيانو فى عمر 8 سنوات، و عندما بلغ من العمر 14 سنة عزف على آلة العود التي من خلالها عرف أسرار الموسيقى العربية، ومقاماتها، وكل فنونها من الناحية العملية.
 
وبعد أن حصل على ليسانس الآداب، قسم لغة إنجليزية ، تعلم تأليف الموسيقي في مدرسة هادلي سكول الأمريكية والتحق بالأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقى و أتقن العزف على آلة البيانو والأكورديون والعود و الأورج و بدأ مشواره الفنى كعازف أوكورديون في الفرق الموسيقية ، ثم بدأ يعزف على الاورج واعتبروه وقتها نموذج في تحدى الإعاقة لصعوبة وتعقيد آلة الاورج واعتمادها بدرجة كبيرة على الإبصار.
 
و نظرا لإصراره و إرادته العظيمة تعاون مع شركة ياماها اليابانية في استنباط ثلاثة أرباع التون من الآلات الإلكترونية ،كما تعاون مع شركة إميولتور الأمريكية في إنتاج عينات من الآلات الشعبية المصرية والعربية ، لم ينتهى الأمر عند هذا الحد بل ابتكر العديد من الإيقاعات الجديدة و أعاد صياغة وتوزيع العديد من المقطوعات الموسيقية والأغنيات ، كما ساهم مع مؤسسة Dancing Dots الأمريكية في إنتاج برنامج Good Feel والذي يقدم نوتة موسيقية بطريقة برايل للمكفوفين ،و ألف كونشرتو لآلة العود والأوركسترا ومتتالية على ألحان عربية معروفة وعزفهما مع أوركسترا عمان السيمفونى عام 2005.
 
 قدم لنا العديد من الأغنيات العربية والغربية المشهورة إلى أن أصبح موسيقي ومؤلف وناقد له علامات وبصمات في الموسيقى الغنائية المصرية، ألف الكتيرمن الموسيقى التصويرية للافلام والمسلسلات مثل رأفت الهجان و حديث الصباح و المساء واوبرا عايدة وغيرها .
 
وصلت اعماله لـ 50 فيلم سينمائى و 150 مسلسلاً، و اكثر من 20 عمل إذاعي، حصل على جائزة الحصان الذهبي لأحسن ملحن في إذاعة الشرق الأوسط لسبعة عشر عاماً متتالية، حاز على جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة في عام 2005، و وسام التكريم من الطبقة الأولى مرة ثانية من السلطان قابوس بن سعيد بسلطنة عمان .
 
و نحن فى ذكرى رحيله الثامنة نتذكره بكل الامتنان والتقدير لقاء ما أسعدتنا إبداعاته الفريدة لنأتنس بمعاودة سماع سهرة موسيقية خاصة مع "سهرة شريعى" و نسترجع زمن المتعة مع  أعمال الفنان العظيم الراحل عمار الشريعى لنمنح آذاننا فرصة التفاعل الحميم للوصول إلى حالة  انتعاش النفس وإسعاد الروح ورقي المشاعر لمقاومة مناخ التلوث المنتشر على الساحة الفنية تحت مسمى موسيقى للأسف !.
 
فى ذكرى عمار الشريعى نطالب بعودة برامج القراءة الممتعة للنغمة البديعة والأصوات الشجية واللوحة الفنية والدراما المصرية الأصيلة وسينما الإبداع المعاصر ومتعة مفردات الفن السابع .. برامج للأطفال والشباب وهم يمارسون إبداع الفنون المختلفة في المدارس والجامعات وقصور الثقافة والتحاور معهم .. برامج لذوي الاحتياجات الخاصة لدعم مواهبهم ومنحهم الفرص الحقيقية للتعرف على إبداعاتهم ..