بقلم: يوسف سيدهم
بصدور هذا العدد من وطني يكون هو العدد المتمم للعام الثاني والستين من عمرها, فعيد ميلاد وطني يحل في 21 ديسمبر من كل عام, وهو تاريخ ميلادها منذ أن صدر أول أعدادها في هذا التاريخ عام ..1958 ولا أخفيكم سرا أنني ونحن نحتفل بانقضاء اثنين وستين عاما من عمر وطني أزهو فخرا بأننا نتطلع إلي تحطيم الرقم القياسي لعمر أية صحيفة خاصة مصرية علي الإطلاق, وهو الرقم المسجل باسم جريدة مصر التي أصدرها القبطي تادرس شنودة المنقبادي عام 1895 واستمرت في الصدور 71 عاما قبل أن تودع قراءها وتتوقف عن الصدور عام 1966, وذلك طبقا للمعلومات التي أفادني بها الصديق والباحث المدقق وصاحب أحد أقلام صفحة الرأي في وطني الدكتور رامي عطا صديق.
تسعة أعوام لاتزال تفصلنا عن بلوغ هذا الهدف وإن كانت تبدو فترة طويلة نسبيا إلا أن رسالة العمل الصحفي والتنويري وخدمة الوطن تنظر إلي المستقبل بكل حماس وتفاؤل, وكتيبة وطني بمختلف عناصرها من أسرة التحرير وفرق الإدارة والخدمات ماضية في حمل الرسالة عبر الأسابيع والشهور والسنين التي سرعان ما تتعاقب وتنقضي لنحقق الهدف ونضيف رقما قياسيا جديدا في تاريخ الصحافة المصرية.
ولست في حاجة وأنا أذكر هذا الطموح أن أسجل بكل الإعزاز والتقدير أن رسالة وطني التي أسسها المصري القبطي الوطني الغيور الأستاذ أنطون سيدهم (1915 ـ 1995) حملتها أجيال متعاقبة بدءا من القامات الشامخة للجيل الأول من كتابها ومحرريها مرورا بأجيال متعاقبة ووصولا إلي الجيل الحالي لأحدث المنضمين إلي الأسرة وجميعهم يشكلون شجرة وطني الراسخة بجذورها وفروعها وأغصانها وأوراقها.. متوالية عظيمة لجيل يسلم جيلا, ومراحل عمرية تخلف مراحل سبقتها, وخبرات صحفية يتم صقلها في إطار ثوابت عمل سرعان ما تتواري لتحل محلها معايير تطور وتكنولوجيا جديدة بتنا معها نلهث لنلحق بالتقدم ونواكب الأنماط المتجددة للعمل الصحفي, حتي أننا كلما تجاوزنا عقدا من الزمان ووقفنا نتأمل الماضي نعجب من تسارع وتيرة التغيير وتنوع أدوات العمل وانعكاس ذلك علي المنتج النهائي للصحيفة مضمونا كان أو شكلا.
وليس أدل علي هذا الواقع مما سبق أن خضناه هنا في وطني مرتين: المرة الأولي عام 2008 ونحن نحتفل باليوبيل الذهبي ومرور خمسين عاما من عمر الصحيفة, حيث عني فريق من المحررين آنذاك بالإبحار في أرشيف وطني منذ صدورها عام 1958 وحتي عام 2007 ودأب هذا الفريق علي رصد وتسجيل سائر المواد الصحفية في شتي الأبواب ـ إخبارية وتحقيقية وحوارية وكتابات مفكرين وكتاب ـ وعرضوا ذلك المضمون بتخصيص صفحة أسبوعيا لكل عام من الأعوام الخمسين المنقضية بحيث حرصوا علي الحفاظ علي عبق التاريخ فيما عرضوه عن طريق الالتزام بطباعة المواد بنفس تقنيات الكتابة والطباعة وعناوين الخطاطين التي كانت سائدة عبر تلك السنوات مرورا بأساليب التحديث التي طرأت عليها ووصولا إلي عصر الكمبيوتر والحداثة.
أما المرة الثانية فكانت عام 2018 ونحن نحتفل بمرور ستين عاما من عمر وطني حيث شرع جيل لاحق من المحررين في عرض إنجاز السنوات العشر من الخمسين إلي الستين بما حفلت به من تطوير في أركان الخدمة الصحفية وتقنيات الإخراج والطباعة, وكان ذلك يميزه الأسلوب الشيق في العرض والذي تحرر من قيود القوالب الصحفية التقليدية واستثمر الإمكانات غير المحدودة للكمبيوتر في الجرافيك والإخراج, علاوة علي تسليط الضوء علي ما قدمته إصدارات وطني إنترناشيونال باللغة الإنجليزية, ومن بعدها وطني فرانكوفون باللغة الفرنسية وقبل هذا وذاك موقعها الإلكتروني الذي يواكب متطلبات عصر جديد.
وطني تطفئ غدا اثنتين وستين شمعة, وتخطو بكل ثقة وتفاؤل إلي عامها الثالث والستين… مسيرة مستمرة تجسدها شجرة مثمرة متجددة بفضل أوراق عزيزة تزدهر ثم تمضي وتعقبها أوراق يانعة خضراء تنمو… وكل عام وأنتم بخير ومصرنا الحبيبة في استقرار وسلام.