بقلم : دينا انور
لن أتكلم فقط عن سيدة الكرم لأُساير التريند .. و لن ألومك فقط على جملتك الأخيرة بشأن إعلاء القيم الدينية على القيم الإنسانية .. بل سأعاتبك مجملاً على ملف حرية الفكر و التنوير و وضعية النساء بشكلٍ عام في عهدك ..
أنا يا سيادة الرئيس إحدى أشهر الدولجية و المطبلاتية و السيساوية .. كل ما تم إطلاقه على مؤيديك تم إطلاقه علي و تمت مهاجمتي من خلاله في قنوات الإخوان و صفحاتهم و كنت لا أبالي ..
أما الآن .. فأنا امرأةٌ لا تشعر بالأمان في بلادها .. شأني شأن جميع النساء اللواتي بدون أن تقصد أعطيت الضوء الأخضر للمتطرفين أن يلاحقوهن و يقاضوهن و يبتزوهن و يهددوهن بالحبس و السجن إعلاءً للقيم الدينية على القيم الإنسانية..
القيم الدينية التي بلا شك هي قيمٌ مطاطة و فضفاضة .. و الجميع يستخدمها بمازورة القياس على مصالحه الخاصة .. و لا تختلف فقط بين أتباع الديانات المختلفة .. بل تختلف بين أتباع الطائفة الواحدة للدين الواحد ..
فلمن تسلمنا يا سيادة الرئيس ؟! للسلفيين .. للإخوان ؟!.. للأزاهرة ؟! لمرتزقة المحاميين ؟! لقوادي الصحف الصفراء و الإعلام العاهر ؟! أين حق حمايتنا عليك ؟!
لماذا أُجبرت رانيا يوسف على الاعتذار على فستانها و هي نجمة لا تقل عن أي نجمة عالمية لها الحق أن ترتدي ما يعجبها .. ؟
لماذا فتيات التيك توك في السجون و هن مجموعة مراهقات يرغبن في الشهرة .. ؟
لماذا سما المصري في الحبس و هي مجرد صانعة محتوى إغراء شأنها شأن العديد من نجماتنا الشهيرات و نجمات هوليود .. ؟
لماذا استجابت النيابة لإرهاب زينب مجتمعياً لمجرد أنها خلعت الحجاب .. حتى اضطرت لارتدائه مجدداً رعباً مما حدث لها .. ؟!
لماذا استجابت النيابة لإرهاب هيئة الآثار لسلمى الشيمي و تسببت لنا في فضيحة عالمية قضت على ما تبقى من آمالنا في عودة ازدهار السياحة .. حتى ارتدت الفتاة العباءة السوداء ذعراً و من بعدها الجلباب حتى تأمن الأذى .. ؟!
لماذا بكل بساطة تمت تبرئة المتطاولين على جسد سيدةٍ مسنة والاستهانة بإهانتها لهذا الحد .. فقط لأنها تتبع الأقلية الدينية التي هي في الأساس صاحبة الأرض و نحن من غزوناهم تحت مسمى الفتح ؟! و بعد كل هذا يخرج علينا شرذمةٌ من الدقنجية يهددونها بإتهامها بإثارة الفتنة ؟! بمن يحتمون يا سيادة الرئيس ؟! من أين لهم هذه البجاحة ؟!
حتى محامو المتحرشين بفتاة ميت غمر .. من أين لهم ببجاحة اتهام الفتاة بالانحلال و نشر الرذيلة بسبب ملابسها و صورها تبريراً للتحرش ؟ .. أليس ذلك بسبب التهم الغريبة التي لم نسمعها من النيابة للنساء و الفتيات إلا في الأيام الماضية ؟!
لماذا أكتب كلامي هذا الآن يا سيادة الرئيس و أنا خائفة منك و من أجهزة الدولة ؟ بعد أن كنت أشعر أنك أنت الأمين علي .. و أنها هي التي تحميني.. ؟!
لماذا أصبحت عيني منكسرة أمام جميع أصدقائي الذين نصحوني قديماً بمغادرة بلادي لأنها لا تليق بفكري و تحرري و لأنني سأكون مهددةً فيها ما حييت ؟!
لماذا لا أستطيع الدفاع عنك و لا عن ثورتنا في ٣٠ يونيو بحماس و يقين كما كنت ؟
هل خذلتنا يا سيادة الرئيس ..؟
أعاتبك كما كنت أعاتب أبي و كما أعاتب أحبتي .. و لم أدرس عواقب كلماتي هذه .. و لا أعلم إن قرأتها و وصلتك ستؤثر فيك سلباً أم إيجاباً .. و لكن ..
رغم أني مواطنة عادية .. و رغم أني لا أحمل جنسيةً أجنبية ً أحتمي فيها .. و رغم أني أعيش تحت سلطتك و على الأرض التي تحكمها .. إلا أنني أودعتك أمني كأمانة حين انتخبتك في المرتين .. أرجو ألا تخذلني أو تتخلى عني حينما يحاول أحدهم قتلي أو إرهابي أو سجني أو تعريتي أو التحرش بي إعلاءً للقيم الدينية على القيم الانسانية كما سبق و ذكرت ..
نحن أمانةٌ في عنقك يا سيادة الرئيس .. و لا أحسبك أبداً مفرطاً في من استئمنوك .. خاصةً إن وعدتهن يوماً أنه لن تُظلم إحداهن في عهدك..
تدخّل بشخصك رجاءً يا سيادة الرئيس .. صحح كل هذه الأوضاع المقلوبة حتى لا يحاسبك التاريخ .. و حتى لا تنحدر سمعة مصر و شعبها في الخارج أكثر من ذلك .