Oliver كتبها
الفصل الخامس
- رأى المجوس
نجمه.كلنا نبصر نجومنا أما المجوس فقد رأوا نجمه, نجم المسيح.الفرق بين نجومنا و نجمه كالفرق بين كل ما للأرض و كل ما للسماء.
 
هو الفرق بين ما يرى و ما لا يرى.
 
- نحن المجوس هنا لا لنحكى عن أنفسنا بل عن النجم.هو أعظم منا.إن كنا حكماء فارس فإننا مشينا  قدام النجم كجهلاء. نجهل النجم.نجهل الطريق.نجهل الملك.نجهل المولود.
 
نجهل كل شيء سوى خبر وحيد.
 
أن هذا النجم هو نجم يسوع و من يسترشد به يصل إليه.فتبعنا نجمه.
 
- وظيفتنا أن نقيم الملوك فى فارس.نحن من يعيِنَهم.نحن من يشير على الشعب و على الملك.كنا معتبرين وسط الشعوب كالملوك.حتى الملوك تهابنا لأننا نعرف ما لا يعرفون.نعرف كيف نخاطب الملوك.فى فارس يجعل الملوك لنا حساباً لأن معرفتنا بالفلك تجعلنا منتبهين لأسرارها.حركة الكواكب التى ندرسها تشير علينا و نحن نشير على الملوك فنحن واسطة بين السماء و بين الملوك.
 
- علمنا أن هذا النجم نجمه.
- نتوارث منذ زمن دانيال حين كان وسطنا أن إلهاً يسمى إبن الإنسان سيولد و ستكون الرئاسة على كتفيه و أن ملكه بلا نهاية.فى كل يوم نشتاق لملك أبدى.لا يتغير.هذا هو الملك الوحيد الذى لا يحتاج للمجوس كي ينصبوه ملكاً لأنه منذ ولادته هو المملك.بل قد يكون ملكاً قبل ولادته فنحن لم نقابله بعد لنعرف سره؟هذا هو صاحب النجم الذى يقضى  دون أن يُقضى عليه.يدوس الموت بحياته.أين لنا أن نجد ملكاً كهذا الملك.
 
 - رأينا نجمه و هو ليس كالنجوم البعيدة.كنا نعرف أن النجم أقوى من الشموس.لذلك صارت بعيدة كي لا تؤذى الأرضيين.أما هذا النجم فقد إقترب حتى يكاد أن يحتضننا.كان يشع نوراً و دفئاً فى الطريق.
 
يتوهج دون أن يؤذى.يقترب دون أن يحرق.حتى أعيننا لم تتلف من النظر إليه.بل العجيب أنه كلما نظرنا نجم المولود كلما إستنارت عيوننا.إستضاءت أفهامنا.حتى حسبنا كل ما كنا نعرفه من قبل جهالة.
 
- كنا نرى النجوم قبله و نتكلم.نتباحث و نفسر .نحمل عن النجوم رسائلها.أما نجم المولود فقد رأيناه و صمتنا.هو الذى يكلمنا.علمنا منه أن للنور صوت.
سمعنا صوت النور.
 
وقف فوقنا فخضعنا تحته.
 
- جمعنا النور.
 
كالبوق يهيئ لزحف الجنود.جعلنا النجم جنوداً.
 
رأينا رفقاءنا يتوافدون.كنا كثيرون.مثل كتيبة تجمعنا.أرسل لنا الملك جنوداً لتحرسنا فى الطريق فلم نرغب بل شكرناه قائلين نحن في حماية نجم المولود.أرسل لنا طعاماً .
 
أما نحن فأخذنا هدايا تنصيب الملك . علمنا تاريخ أورشليم مع  الملوك فكان معنا ذهبه ذهباً لتاجه. قرأنا تاريخها مع الأنبياء فجلبنا معنا اللبان ليترأس الكهنة أيضاً.علمنا نهاية الأنبياء فى قبور أورشليم فإستحضرنا له المرليجتاز كل معاناة فالملك الذى يسود إلى الأبد يعانده الذين فى حكم الموتى فتشبع أيامه من المرارة.
 
- كلما سرنا فى الطريق إزدادت مع النجم معرفتنا.كل صباح يخاطبنا نوره فنلتفت إلى تفاصيل جديدة عنه من كتب اليهود.الخطوات مع النجم دروساً لا تتقادم و لا تنحسر تمتد كموج البحر مهما تراجعت.جعل النجم ليلنا مثل النهار إذ النور يمنع الظلمة عنا.كنا نرتحل فى دائرة من نور.
 
- كانت مسيرة عظيمة من بلاد فارس مملكتنا.رأى الجميع فيها كيف يوقفنا النجم و كيف يسيرنا من جديد. كيف يشعر بأتعابنا فينتظرنا.كيف يعلم حاجتنا للنوم فينبثق منه نوراً مميزاً فننام فى حضن النور.لا نخش شيئاً سوى أن يطول نومنا.لولا أن للجسد حاجة للنوم ما نمنا و ما أضعنا وقت النوم.
 
- طعامنا لم يفرغ.كل القبائل التى قابلتنا فرحت بنا.حملتنا توصيات للمولود لما عرفوا أننا فى الطريق إليه.رأى هؤلاء معنا النجم لكنهم لم يرافقوننا.
 
عجبت لمن يرون النجم و لا يسيرون خلفه.كيف تحملت قلوبهم هذا البعاد.
 
- إقتربنا من أبواب أورشليم.كنا نخش أن يظن الملوك هنا أننا حملة عسكرية لكثرة عددنا.إنتخبنا من بيننا ثلاثة رجال يتكلمون بإسمنا جميعاً.يخبرون الملوك و السلطات أن أقدامنا أقدام مبشرين بالسلام مبشرين بالخيرات.إستوقفنا جنود يبدون رومانيين.سألوننا من نكون و لماذا جئنا و إلى أين سنكون.أخبرناهم فلم يعد ولادته سراً و النجم فوق رؤوسنا.رأى الجنود و قواد المئة النجم فهابوننا.فى هدوء و تذلل طلبوا أن ننتظر كي يخبروا ملكهم.يبدو أنه يسكن فى دار الولاية قريباً من ههنا.
 
لذا عادوا بسرعة حاملين إجابة و سؤال.أما إجابة طلبنا فهى السماح لنا بدخول أورشليم أما السؤال فقد كان أن نقابل الملك لأنه يريدنا.كانت نبراتهم مهذبة بغير إستعلاء الرومان المعروف عنهم.طلبوا أن يقابل هيرودس المجوس منا فقط دون بقية المرافقين لنا.
 
فأرسلنا الثلاثة الذين إنتخبناهم.حملوا الذهب و اللبان و المر معهم لربما كان هيرودس هذا هو الملك المقصود.
 
- إنتظر الجميع ما عدا ثلاثة.العجيب أن النجم إنتظر معهم و لم يمشى معنا نحن الثلاثة.فعلمنا أن الملك الذى سنقابله ليس هو من رأينا نجمه.- سألنا هيرودس من نحن.سألنا لماذا تكبدنا مشقة السفر هذه.كان سؤالاً لم نفكر فيه.لأن النجم الذى معنا لم يدعنا نشعر بمشقة السفر.أجبنا الملك قائلين: أية مشقة حين تصبح فى دائرة النور السمائى؟ حين تجد القلب جائع للعبادة مشتاقاً للسجود قدام ملك لا يموت.ملك أقوى من الموت.ما كنا ندرى أن عباراتنا هذه ستهيج الملك فى داخله و تخيفه.سمعنا فيما بعد أنه أمر بقتل الصبى ليرى هل هو حقاً إلهاً أقوى من الموت و كيف يكون هذا الملك الذى لا يموت؟أوصانا هيرودس و الخبث يطفر من عينيه أنه متى علمنا أين المولود ملك اليهود نخبره كي يأتى ليسجد له.علمنا أنه كاذب للتو.فلو كان صادقاً فلماذا لا يرافقنا.لماذا لا يصاحب النجم العجيب المبهر؟ لماذا لا تبدو على الملامحه فرحة بهذا المولود.إن الفرق بين الكاذبين و الصادقين هو فى السجود بالروح و الحق لملك اليهود.- عدنا لرفقاءنا.تحرك النجم فتحركنا.
 
لم نبتعد أكثر من عشرة كيلومترات.وصلنا إلى المنحدر.هبط بنا النجم فهبطنا.كنا محصنين من الزلق.
 
من أحجار أورشليم و غابات الشوك فى الوعر.كانت الطبيعة كحبيب يستقبلنا بحنان.بعد دقائق وقف النجم.عند بيت صغير هبط على رؤوسنا حتى كدنا أن نمسكه بأيادينا.لمسنا النور.سمعنا النور.حضننا النور.
 
فتشبعت قلوبنا بكلمات تسبيح إختزناها لنسجد بها للملك المولود.كلمناه بالآرامية قائلين نسجد لك يا ملك اليهود.ملك النور.ملك النجم العجيب.كانت أمه أبهى من النجم و من وجه أبيه يوسف يشع نوراً عظيماً.حكينا لهم ما رأيناه حتى وصلنا إلى بيت الصبى.كانوا ينصتون و يختزنون شهادتنا للمولود العجيب.دخلنا على دفعات من كثرتنا.فى ختام المتوافدين دخل الثلاثة المنتخبين منا بهداياهم.سجدوا مقدمين ما حملوا للمولود.رأت العذراء الذهب و اللبان و المر فإحتضنت الصبى بشدة.تلاقت أعينهما و ساد الصمت طويلاً فغادرناأخذنا النجم إلى طريق أخرى ثم غادرنا النجم على حدود أورشليم.
 
- أى نجم ترونه للمولود لا تدعوه يختفى عن أبصاركم