تحدثنا فى العدد الماضى عن: القوة وماذا قال الأدباء عنها، وذكرنا مقاييس القوة.. ونتابع موضوعنا بنعمة الله..
أولًا: قال الكتاب المقدس عن القوة:
1- «كُونُوا رِجَالًا. كُونُوا أَقْوِيَاء» (كورنثوس الأولى 13:16).
2- «حِينَمَا أَكُونُ ضَعِيفًا، فَحِينَئِذٍ أَكُونُ قَوِيًّا» (كورنثوس الثانية 10:12)... (إذ تعمل فىّ قوة الله).
3- «َأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ»
(إشعياء 31:40).
4- «قُوَّتِى فِى الضَّعْفِ تُكْمَلُ» (كورنثوس الثانية 19:12).
5- «لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ» (تيموثاوس الثانية 7:1).
وقد قال أحد الآباء:
1- «طلبت من الله قوة لأعمل أعمالًا باهرة، فأعطانى ضعفًا لأتعلم الاتكال عليه».
2- ربى.. لا تتركنى أواجه العالم وحدى، أريد قوتك معى لكى أنتصر على أتعاب هذا العالم.
ثانيًا: تفعيل القوة:
1- قوة الإنسان الحقيقية تنبع من قدرته على تغيير ذاته نحو الأفضل ونحو الآخر.
2- قوة التوبة، والاعتذار والاعتراف بالخطأ، تملأ الإنسان بالفرح... فاحرص دومًا على استبدال الضار بداخلك بما هو مفيد.
3- للقوة دومًا وجهان: أحدهما إيجابى والآخر سلبى، فابتعد عن السلبى، وتمسك وقم بتنمية الإيجابى.
ثالثًا: المفهوم الصحيح للقوة:
أ- القوة فى مفهوم العالم: هى ذاتية، تعتمد على قدرات الفرد فقط! ولكن هل قدرات الناس غير قابلة للتغيير؟! فالإنسان القوى جسديًا اليوم، يمكن أن يكون ضعيفًا جسديًا غدًا، تحت تأثير أى ظروف أو أى مرض مثلًا.
- كذلك القوة بهذا المفهوم هى نسبية، فكل إنسان قوى، يوجد مَنْ هو أقوى منه.. وفوق الكل هو الله!
«لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِى عَالِيًا» (جامعة 8:5).
- فالقوة فى المفهوم الصحيح هى فى الاعتماد على الله، وطلب عونه الدائم، لتنمية ما فينا من قدرات ومواهب.
- قال القديس بولس الرسول: «أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَىْءٍ فِى الْمَسِيحِ الَّذِى يُقَوِّينِى» (فيلبى 13:4).
- «تَقَوُّوا فِى الرَّبِّ وَفِى شِدَّةِ قُوَّتِهِ» (أفسس 10:6).
- وقديمًا قال إشعياء النبى: «يُعْطِى الْمُعْيىَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً» (إشعياء 29:40).
- كذلك قال حبقوق النبى: «الرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِى» (حبقوق 19:3).
- ويقول سليمان الحكيم فى الأمثال: «مَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً» (أمثال 32:16).
- «الرَّبُّ قُوَّتِى وَنَشِيدِى» (خر وج 2:15).
- أن قوة الإنسان الحقيقية تنبع من قدراته على تغيير ذاته نحو الأفضل والاتجاه نحو الله تعالى وذلك:
1- بالتوبة والاعتراف بالخطأ.
2- والاعتذار عن الأشياء التى أخطأنا فيها للناس، ففى كل صلاة يطلب الأب الكاهن من الناس أن يصافحوا بعضهم البعض، ربما نكون قد أخطأنا فى حق أحد.. كما يبدأ الكاهن الصلاة طالبًا من الشعب أن يسامحوه، بقوله: «أخطأت سامحونى».
3- وأن نغفر للناس أيضًا، لذلك نصلى: «اْغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا» (متى 12:6).
- وكما تعلمنا الكنيسة أن القوة فى ضبط الذات بالصوم والصلاة.
- وبالصلاة والإيمان نشعر بوجود الله معنا، الذى هو مصدر قوتنا الحقيقى.
- قوة الإنسان ظهرت فى قصة إبراهيم الجوهرى، الذى رد الإساءة بالخير، عندما شكا له أخوه من مضايقة أحد زملائه له، فرد الإساءة بعمل الخير! قارن بين موقف الاثنين ومَنْ هو الأقوى حقا؟!
رابعًا: كيف نواجه القوة بطريقة إيجابية؟
ببساطة إن وجود الله تعالى فى حياتى ستكون له النتائج الإيجابية، والعكس صحيح.. فمثلًا:
أ- القوة الجسدية: أساعد الآخرين ولا أؤذيهم.
ب- القوة العقلية: تقديم اختراع يفيد البشرية، ولا ندمر به الآخرين «ألفريد نوبل»، (الذى لم يقصد التدمير) فقد اكتشف الديناميت لتفجير الصخور، فبدأ الناس يفجرون به بعضهم بعضًا، مما أشعره بندم شديد!! وكذلك قراصنة الكمبيوتر وزارعو الفيروسات مثلًا.
ج- القوة النفسية: ضبط النفس بدلًا من التهور.
د- المال: أساعد الآخرين ولا أسرق مجهود الآخرين أو أستغلهم.
خامسًا: كيف أمتلك شخصية قوية؟
الشخصية القوية ما هى إلا نتاج كل العوامل السابقة.
وأهم شىء تتضح فيه قوة شخصيتك هو قراراتك مثل: اختيار الأصدقاء- القدرة على تغيير العادات الضارة- تطوير الذات- أسلوب التعامل مع الآخرين- تقول لا للخطأ- وضبط النفس.
للقوة دائمًا وجهان أحدهما إيجابى والآخر سلبى: والإنسان المتدين يحاول دائمًا الابتعاد عن الاتجاه السلبى، ويتمسك بالإيجابى.
ختامًا.. الآن اجلس مع نفسك، وراجعها سائلًا إياها:
هل صححت يا نفسى مفهومك عن القوة؟
ولا تنس أنك إن غيرت مفهومك، بالتالى سيتغير سلوكك أيضًا! ولنظهر معًا للعالم مفهومًا جديدًا للقوة.
فليجلس كل منا مع نفسه ثانية، ولكن لكى نعرفها هذه المرة، ونكتشف ما فيها من مواطن القوة الحقيقية، ولنفكر فى كيفية استغلالها بطريقة إيجابية.
إن عشت القوة بمفهومها الصحيح، لن تكون بمعزل عن العالم، بل سيساعدك ذلك على الحياة الناجحة فى العالم. والرب معك.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية .
نقلا عن المصرى اليوم