كتب: د. مني حلمي
إن الشاب الذى يشعل سيجارة رغم علمه بمضارها، إنما يشعل فى الوقت ذاته، رغبته فى إحراق إحباطاته، وقهره، والفتاة التى تشعل سيجارة، رغم علمها بمضارها، تشعل الحنين المكبوت للتحقق الإنسانى، والعاطفى، والعملى.

أغلب الشباب والشابات فى بلادنا، شباب تائه، ضائع، متجهم، متوتر، ضحايا الفقر، وقيم اجتماعية فاسدة متناقضة، وعادات وتقاليد، انتهت صلاحيتها الحضارية، ومن هؤلاء، جاءت المنظمات الدينية الإرهابية، بجيوشها المرتزقة.

ورثنا عادة الاكتفاء بالمواعظ، والتحذيرات، بدلاً من الأفعال المستقاة من دراسة «الدوافع» النفسية والاجتماعية، والدينية، المتجذرة فى البيئة.

وهذا ما جعل الرئيس السيسى، يبادر بعقد مؤتمرات منتظمة للشباب، تكسر هذا الفكر التقليدى المتجمد العقيم.

ولنتذكر مثلاً، مواعظ وتحذيرات، حملات تنظيم الأسرة، التى لم تنجح بالشكل المطلوب، إلا مع الناس الذين انتفت لديهم، فعلا، «دوافع» الاحتياج إلى أسرة كبيرة.

إن الفقر وافتقار الضمانات الاجتماعية، خاصة فى الريف، يجعل من الأطفال موردًا اقتصاديًا فى الحاضر، وسنداً اجتماعياً فى المستقبل. ليست مصادفة أن تنظيم الأسرة ناجح فى البلاد المتقدمة، وبين الأفراد الذين ارتفع مستوى دخولهم، وأصبح لديهم بالتالى طموحات وأحلام، للاستمتاع بالحياة، لا تتوافق مع المسئوليات والقيود التى تفرضها الأسرة الكبيرة.

الشابة المقهورة، أو الشاب المقهور على كل المستويات، ليس لديه «دافع» قوى للحفاظ على نفسه وعلى حياته، ويصبح من السهل أن يقع فريسة «التدمير الذاتى» الذى يقوم به، تجاه نفسه، وجسده، ومجتمعه، بل تجاه العالم أجمع.

حين يحس الإنسان بالقهر والإحباط، خاصة فى سن الشباب، تنحرف طاقته نحو مسارات سلبية متعددة. تتحول الطاقة الفطرية الإيجابية المدفونة، إلى طاقة « تدميرية»  نحو «الذات». فالجسد أقرب شىء للإنسان، وهو الشىء الوحيد الذى يملكه، أو يتوهم أنه يملكه، فى عالم يجرده من كل شىء.

إن العادات «السيئة» التى تجعل الإنسان مدمنًا، أو مريضًا، أو يعانى إما من السمنة المفرطة، أو النحول المفرط، هى نتيجة لعدم التحقق وعدم السعادة. فالرشاقة «نمط حياة»، وليس «نمط غذاء».

إن الإنسان السعيد المتحقق، لا يفرط فى الأكل، ولا يدخن، ولا يقبل على أى شىء ينال من صحته، ولديه مناعة قوية ضد أخطر الأمراض والفيروسات.

نحتاج أن يصبح خلق مواطن متحققً سعيد، ومواطنة متحققة سعيدة، هو أهم «مشروع قومى»، على أرض مصر. إنه صمام أمن للحاضر والمستقبل.

من واحة أشعارى:
الذكريات

حتى لو كانت جميلة

ما هى إلا سجون

الحب

حتى لو كان ممتعا

قيد وحديث له شجون

العقل

فى كل الأحوال نعمة

لكنه بدون حرية جنون

الفضيلة

المفروضة بالحديد والنار والإجبار

انحلال متستر وعربدة ومجون

والبشر الشرفاء

يفكرون فى الصدق والوفاء

قبل الورق والمأذون

والجنس

ليس اختراقا لجسد النساء

لكنه نبوءة ومشروع حضارى

وفن من أصعب الفنون.  
نقلا عن روز اليوسف