عزة كامل
أثار الكاتب الصحفى «إبراهيم عيسى»، خلال برنامجه «حديث القاهرة»، قضية على درجة كبيرة من الخطورة، وهى قضية النصوص المقررة على طلبة الصف الأول الثانوى، واختار نصّا عنوانه: «قيم الحياة الزوجية»، يدعو النص الزوجة للخضوع والطاعة التامة للزوج، باعتبار أن الزوجة خلقت لراحة الزوج وإسعاده فقط، ولا تغضبه، ولا تناقشه، ولا تثير أى ضوضاء أثناء نومه، بل تتزين وتطبخ له وتطيعه، فالزوج- حسب النص- رقيب وملك!، وهى مجرد «عبدة» له، نص يحتقر المرأة بإفراط، ويجعلها ذليلة ومسلوبة الإرادة.
هدا هو المنهج الذى يشكل عقول ووجدانات تلاميذنا، والفكر الذى يرسّخ قناعات أجيال المستقبل ويحملونه معهم فى البيت والمدرسة وفى كل أشكال الحياة العامة، ويكرّس لاحتقار المرأة وقهرها والتحرش بها واغتصابها، فهى عبدة، وفى أحسن الأحوال خادمة فى المنزل.
ولا يتوقف الأمر عند تدريس النص فقط، بل هناك صورة مصاحبة له، وهى عبارة عن أم مسنة، وابنة منتقبة تتلقى النصح من الأم، وهذا تكريس للمرأة المنتقبة فى مواجهة غير المنتقبة، باعتبارهن منبوذات فى الحياة.
هكذا ترسّخ المناهج الدراسية مفهوم السادة والعبيد، ولتبقى صورة المرأة فى أذهان تلاميذنا واحدة لا تتغير مهما تقدم بنا الزمن، صورة نمطية ورجعية، تمييزية بإفراط، وعليهم قبولها، وإعادة إنتاجها، ويشمل ذلك كل الإنتاج الثقافى والتعليمى.
الأدهى من ذلك أن هناك دروسًا قديمة يتم تدرسيها منذ عقود فى الصفوف المختلفة، وكأن الزمن توقف عندها، وكأن المجتمع لم يمر بتغيرات الحداثة وبتغيرات فى أدوار وعلاقات الرجال والنساء، وكذلك الخطاب اللغوى المستخدم فى صياغة الأهداف التعليمية للوحدات والأنشطة، والموجه فى معظمه إلى الذكور المميزين.
أهم أدوار ومهام المدرسة تزويد الطلاب بالمعارف والقيم والاتجاهات من خلال مناهجها وأنشطتها الصفية واللاصفية، والمناخ المدرسى السائد، لتساهم فى تنمية مدركات التلميذ العقلية والعاطفية والإنسانية، وتشكيل شخصيته ليكون شخصًا فاعلاً ومبدعًا فى الحياة، وتساعده على رسم صورة ذهنية عن أدوار ووظائف الأفراد فى المجتمع، ويتوقف هذا على طبيعة العملية التعليمية، من حيث كونها عملية تلقينية محافظة، أو عملية ناقدة تحترم أدوار الجنسين، وتؤمن بالمساواة بينهما، وتدعم مبدأ المواطنة، وهذه الصور الذهنية تتشكل من خلال محتوى المناهج والصور والرسومات الملحقة بها، وطريقة التدريس وطبيعة الإدارة المدرسية.
نريد تلاميذنا أحرارًا، ونريد مناهج ونظامًا تعليميًا يحترم ويدعم المساواة والمواطنة بين الجميع، وهذه رسالة لمركز تطوير المناهج الذى تترأسه امرأة تدرك مدى خطورة هذا العبث.
نقلا عن المصرى اليوم