بقلم: عادل يوسف – أستاذ بولاية كاليفورنيا الأمريكية

نظرية المؤامرة أم فيلم هندي!

كُشف منذ أسبوع عن هجوم سيبراني (إلكتروني) خطير وواسع النطاق على أغلب هيئات الامن القومي الأمريكي والبنية التحتية، و يُعتقد أنه طال إدارة الأسلحة النووية والإدارة الوطنية للأمن النووي ومختبرات للطاقة، وغيرها من منشآت حكومية حساسة، فضلاً عن شركات خاصة كثيرة ومنها عملاق صناعة البرمجيات "SolarWinds". اختراق برامج هذه الشركة تحديداً كان ذا مغزىً كبير حيث أن للشركة نصيب الأسد في برامج ماكينات تصويت الانتخابات الامريكية.

وُجد أيضا أن تلك الهجمات كانت قد بدأت منذ مايو الماضي ولم تُكتشف حتى الأيام الماضية، وكالعادة تم اتهام روسيا أولا قبل أن تتجه أيضا أصابع الاتهام الى الصين، المتهمة أصلاً منذ أكثر من شهر (من جانب فريق ترامب القانوني، وخاصة المحامية سيدني باول) بالضلوع بشكل مباشر في عمليات التلاعب عن بُعد (الكترونياً) بماكينات التصويت، وأيضا بالمسؤولية عن طباعة شحنات هائلة من بطاقات التصويت داخل الصين وتسويدها لصالح بايدن ومن ثم ارسالها عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك، حيث قام مسؤولي دوائر انتخابية محددة يسيطر عليها ديموقراطيون بإضافتها خلسةً وعدها لصالح بايدن.

أضف الى ما سبق سماح الصين بانتقال فيروس كورونا الى العالم وخاصة الى أمريكا في بداية هذا العام، حيث ثبت أن الصين كانت قد أغلقت السفر من والى مدينة "وهان" الصينية، مصدر الفيروس، بينما سمحت بالسفر من الصين الى كل انحاء العالم مما تسبب في موت الملايين، كما نعلم، وخسائر فادحة للاقتصاد العالمي، في حين بقي الاقتصاد الصيني مفتوحاً وكان هو الاقتصاد الأول في العالم الذي لم يتأثر بالجائحة! بعض المقربين من الرئيس ترامب اعتبروا تلك الجائحة هجوما بيولوجياً على أمريكا كان المقصود به هزيمته بالانتخابات الرئاسية رداً على حرب ترامب التجارية ضد الصين على مدى سنوات.

الأن هناك دعوات علنية للرئيس ترامب من بعض أنصاره ومن المقربين اليه مثل الجنرال مايكل فلين – الذي التقى به ترامب في البيت الأبيض مع المحامية سيدني بأول يوم الأحد الماضي – دعا "فلين" الرئيس ترامب  إلى تكليف الجيش بالتحفظ على كل ماكينات التصويت في الولايات المتحدة ثم فحصها من جانب متخصصين للوصول الى ادلة التلاعب بها لمصلحة بايدن، ومن الجدير بالذكر أنه تم فعلاً منذ اسبوعٍ اثبات مثل هذا التزوير من خلال ٢٢ ماكينة بولاية مشيجان، ولكن ذلك الفحص كان بأمر قضائي وليس عن طريق استحواذ الجيش على الماكينات كدعوة "فلين" الان.

دعا الجنرال فلين أيضاً الرئيس ترامب الى استخدام سلطاته الواسعة، بموجب أمر تنفيذي كان قد أصدره ترامب في ١٢ سبتمبر ٢٠١٨ ويخص حالات التدخل الأجنبي في الانتخابات الامريكية، الى انشاء محاكم عسكرية للتحقيق في دعاوى تزوير الانتخابات مع وجود جبال من الأدلة على ذلك حالياً، فقط يتم التعتيم عليها بشكل مذهل وعجيب من جانب الاعلام الأمريكي الليبرالي المناوئ للرئيس ترامب...

الان أتوقع من يقول أن الانتخابات قد حُسمت بالفعل لصالح بايدن! لا. هذا ليس صحيحاً. بحسب الدستور الأمريكي تصويت المُجَمَّع الانتخابي الذي عُقد في ١٤ ديسمبر الماضي لا يُعتبر رسميا إلا بعد اجتماع الكونجرس الأمريكي في ٦ يناير القادم لعد واعتماد أصوات ذلك المجمع وربما الاعتراض عليها... أيضا في سبع ولايات، وعدد نقاطها يكفي لتغليب ترامب على بايدن بفارق هائل، وبدهاءٍ شديد قام ترامب وفريقه بعقد تصويت موازٍ من جانب أعضاء المجمع الانتخابي الموالين للرئيس ترامب لصالح ترامب في نفس وقت التصويت لصالح بايدن في تلك الولايات! في يوم السادس من يناير القادم سيفتح "مايك بنس" نائب الرئيس ترامب، باعتباره رئيس مجلس الشيخ بحسب الدستور، سيفتح المظاريف التي تحتوي على التصويت لصالح ترامب لعدها بدلا من عد الأصوات التي لبايدن، لأنه تم اعداد أصوات ترامب بتفويض من المشرعين داخل تلك الولايات السبع وهم من الجمهوريين ويمثلون الأغلبية في تلك الولايات ولهم وحدهم، دستورياً، الحق في اختيار أعضاء المجمع الانتخابي للتصويت لمن يختارونه، مما يعني، وقتها، فوز ترامب بالرئاسة وليس بايدن!

عند تلك النقطة، ومع العلم باستمرار فريق ترامب في رفع الدعاوى القضائية التي من المتوقع كسب بعضها، على الأقل، مثلما هو على وشك أن يحدث بالفعل في بعض الولايات، ومع احتمالات التحفظ على وفحص الماكينات واثبات التزوير قبل السادس من يناير، ومن بعدها احتساب وعد الأصوات في كل أو بعض من السبع ولايات المُشار إليها سلفاً لصالح ترامب بدلا من بايدن، وذلك بعد أن تصور نصف أمريكا وكل العالم أن بايدن هو الرئيس، تصوروا ماذا يمكن أن يحدث داخل أمريكا، حسب خطة الصين، وربما روسيا، لتقسيم الشعب الامريكي؟! وماذا يمكن أن يكون رد فعل الصين وروسيا وإيران وغيرهم ممن توقعوا أنهم عملوا كل شيء للتخلص من ترامب، وبعد كل هذا يكون ترامب قد نجح في افشال مخططاتهم!

منذ أيام أكد المحامي المُقَرَّب من فريق الرئيس ترامب، لين وود، أن ترامب سيفوز بفترة رئاسية ثانية إما في يوم السادس من يناير أو ربما قبله، وتوقع أن الرئيس ترامب سيتحدث الى الشعب الأمريكي قريباً لتعريفهم بحجم التدخلات الأجنبية التي وقعت وما يعنيه اختراق هيئات الامن القومي وأنظمة الانتخابات بالتعاون مع شخصيات حساسة داخل أمريكا لأجل الفوز بمناصب، وحذر لين وود من انه ربما يتم استهداف وإيقاف عمل شبكات الكهرباء وغيرها من الخدمات الحيوية داخل أمريكا، عن بُعد، من جانب الجهات المعادية التي حصلت على أغلب مفاتيح تلك الشبكات خلال الهجمات السيبرانية الأخيرة، وذلك في محاولة لتركيع الرئيس ترامب وامريكا... من جانب اخر، من المؤكد أن المؤيدين لبايدن لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وسيحاولون حرق أمريكا لو أمكنهم، مما قد يدعوا ترامب للدفع بالجيش لتأمين الشوارع أو حتى، حسب توقعات البعض، فرض الأحكام العُرفية...

توقُّع لين وود لرد فعل الصين والغاضبين في الداخل جعله ينصح الأمريكيين بتخزين الطعام والماء بما يكفيهم لمدة أسبوعين إلى أربعة أسابيع، بالإضافة لحيازة أدوات الدفاع عن النفس تحسباً لأعمال التخريب...

فهل نحن بالفعل في انتظار أي من تلك السناريوهات بما تعنيه من احتمالات الصدام الرهيب بين القوى الأعظم في العالم، خاصة بعد التحرشات العسكرية الأخيرة بين السفن الحربية الامريكية والصينية؟ أو أن أمريكا ربما تقترب من أجواء الحرب الأهلية للمرة الثانية في تاريخها؟! أم أن كل تلك التوقعات ما هي إلا نظرية المؤامرة، بحسب التعبير الغربي، أو فيلم هندي، و"سمك لبن تمر هندي"، بحسب التعبيرات المصرية الخالصة! هذا ما ستكشف عنه الأسابيع القادمة، عزيزي القارئ...

عادل يوسف – أستاذ بكاليفورنيا