هاني لبيب
على مدار أكثر من نصف القرن.. لاتزال القضية الفلسطينية هى مركز الصراع العربى- الإسرائيلى ومحوره. ولاتزال مبادرة الرئيس الراحل أنور السادات هى بداية الانطلاق لتحقيق سلام عادل وشامل فى المنطقة العربية، وكان توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل هو السبيل لوقف الحرب واستعادة الأراضى المصرية.
لم يتوافق العديد من الدول العربية على ما حدث فى كامب ديفيد حينذاك، وبعد مرور كل هذه السنوات، وبعد كل هذه المتغيرات العالمية بوجه عام والإقليمية بوجه خاص، كانت الأحداث فى منطقتنا العربية متلاحقة وسريعة وخطيرة.. وهو الأمر الذى جعل قضية تطبيع العلاقات العربية- الإسرائيلية.. تعود إلى فرض نفسها بقوة على ساحة مستقبل دول المنطقة، وبدأ العديد من الدول العربية فى إعادة صياغة علاقتها بإسرائيل حسب شكل التطبيع الذى تراه مناسبًا لمصالحها وتوجهاتها السياسية.
استغل البعض هذه الفرصة لكيل الاتهامات لمصر بأنها قد «تخلت» عن القضية الفلسطينية، بل تجاوز البعض الآخر لدرجة الاتهام «ببيعها». وهو خلط والتباس فى تحليل الموقف السياسى المصرى الذى دافع عن القضية الفلسطينية، ودفع ثمن دماء أولاده قبل اقتصاده بسبب الحروب على مدار سنوات عديدة حتى توقيع اتفاقية السلام، وارتباطًا بهذه القضية كان من الجيد أن تصدر وزارة الأوقاف المصرية مؤخرًا كتاب «القدس والمواثيق الدولية» تحت إشراف وتقديم د. محمد مختار جمعة «وزير الأوقاف»، الذى شارك فيه من مصر د. على جمعة «مفتى الديار المصرية الأسبق»، ود. فوزية العشماوى «أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة جنيف بسويسرا»، والراحل د. جعفر عبدالسلام «الأمين العام السابق لرابطة الجامعات الإسلامية». كما شارك فيه كل من: د. أحمد ولد النينى «وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأسبق بموريتانيا»، ود. محمود الهباش «وزير الأوقاف والشؤون الدينية الأسبق بفلسطين» ود. عبدالعزيز بن عبدالله العمار «وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف الأسبق بالمملكة العربية السعودية»، ود. يحيى الكعكى «المستشار الأسبق لدار الفتوى بلبنان».
يتضمن الكتاب العديد من الأفكار، ومن أهم فصوله ما رصدته د. فوزية العشماوى تحت عنوان: «القدس فى قرارات الأمم المتحدة منذ 1929 إلى 2004»، ثم ملحق بعنوان: «قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن القدس من 2004 إلى 2019» من إعداد الإدارة المركزية للسيرة والسُّنة بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية.. وهذان الفصلان يصلحان كمرجع توثيقى شامل للباحثين فى قضية القدس.
أود أن أشيد بأفكار الكتاب، خاصة ما يتعلق بمسألة مواجهة تهويد القدس باعتبارها قضية مشتركة بين العالمين المسيحى والإسلامى، ورفض تهويد مقدساتها اعتمادًا على المعلومات التاريخية الدقيقة.
نقطة ومن أول السطر..
أكرر ما حذرت منه كثيرًا.. إن الترويج لقضية القدس كقضية أرض ومقدسات إسلامية فقط دون الإشارة إلى المقدسات المسيحية فى القدس.. رغم أن المقدسات المسيحية تفوق من حيث العدد المقدسات الإسلامية.. أمر جلل لما يحمله من تشكيك فى أهمية المقدسات المسيحية للمواطن المسيحى فى المنطقة العربية والعالم.. فأهمية المقدسات لا تتجزأ سواء كانت مسيحية أم إسلامية.
نقلا عن المصرى اليوم