بقلم / نجيب محفوظ نجيب
أصابتنى الدهشة عندما وجدت نوعاً من البشر يضع على وجهه عدة أقنعة في آن واحد ... وإزدادت دهشتي عندما رأيت قدرته الهائلة على تغيير هذه الأقنعة وفقاً للأشخاص والأحداث ... ونحن قد نعتقد أنه يخفى وجهه الحقيقي وراء كل هذه الأقنعة ... لكننا سرعان ما نكتشف أن هذه الأقنعة لا تحمل سوى ملامح وصفات وجهه الحقيقي ...
وهو يظن أنه من وراء ارتداء هذه الأقنعة ... يستطيع أن يفعل مايشاء ... يخدع الناس ... يسيطر على عقولهم ... يحتل قلوبهم ... يتاجر بأحلامهم ... يشترى ضمائرهم ... يبيع لهم الوهم والسراب ...
وهو قد يفعل هذا ... لأن خياله المريض قد يصور له أنه وحده ... يمتلك الحقيقة ... وحده يعرف خفايا الأمور ... وحده صاحب الرؤية والبصيرة والرأى الصائب ... وحده يعرف مايحدث وماسوف يحدث وماسوف لايحدث ... وحده يفعل الصواب ...
إلى هذا النوع من البشر ... أريد أن أوجه كلامى :
تذكر جيداً أنه سيأتي يوماً تُمثل فيه أمام محكمة التاريخ ... حينئذ لن يفيدك المكر والخداع فى شىء ... لأنك قد تستطيع خداع بعض الناس بعض الوقت ... ولكنك لن تستطع خداع كل الناس طوال الوقت ...
فلابد وأن يدرك الناس الحقيقة ...وعندما يعرفون أنهم قد خدعوا ...سوف يمدون أيديهم لكى يُمزقوا الأقنعة التي سوف تسقط قناع وراء قناع ... فأحذر التلاعب بعقول وقلوب وأحلام الناس ... لأنها ليست للبيع ... وعفواً... عزيزى القارئ ... أننى أندهشت ... ولازلت أندهش ... لأنه لايزال يجرى فى عروقى دماً ...