ثمانية أشهر مرت على «رانيا» صاحبة الـ(23 عامًا) وهي تحسب الأيام والليالي أو لربما اللحظات والثواني، لترى ابنها الذي تنتظره بفارغ الصبر لتتأمل ملامحه، وتؤكد لزوجها أنّ طفلها الصغير سيُشبهها كثيرًا، بينما زوجها يجادلها ويخبرها بأنّه سيشبهه هو، لكن جاءت «كورونا» بما لا تشتهي الشابة الصغيرة، لتصاب بالعدوى وهي في نصف الشهر التاسع من الحمل، ولسوء حالتها تم إيداعها مستشفى العزل، وحاول الأطباء إجراء عملية الولادة لها، ولكن حالتها كانت خطيرة فاضطروا لتأجيل الولادة حتى تتحسن حالتها.
وقالت تُقى محمد، إحدى المتطوعات لتكفين متوفيات الكورونا، إنها كانت في مستشفى التأمين الصحي لتغسيل وتكفين المتوفيات، وطلب منها أحد الأطباء زيارة شابة تُدعى «رانيا» لتقديم الدعم النفسي لها نظرًا لخطورة حالتها.
وأوضحت أنها عندما دخلت عليها وجدت وجهها محمرا، وتتنفس بصعوبة رغم أنها على جهاز الأكسجين، فسألتها عن اسمها فأخبرتها به، فقالت لها «هتخفي وهتبقي كويسة وإنتي زي القمر كده»، فأخبرتها أنها حامل في الشهر التاسع، وكان من المفترض أن تلد ولكن الأطباء أجلوا ولادتها لأنّ حالتها خطيرة.
وتابعت بأنها حاولت طمأنتها وأخبرتها بأنّها ستُشفى سريعًا، وستُنجب طفلًا كالقمر، فدخل أحد المتطوعين لتكفين موتى كورونا الرجال وأخبرها بأنها ستُنجب بنوتة وسيتزوجها، فأخبرته أنها حامل في ولد وليس في أنثى فقال لها «خلاص هجوزه لفريدة بنتي»، فضحكت وفرحت كأنها لم تضحك طوال عمرها.
ولفتت «تقى» إلى أنّ «رانيا» طلبت منهما الدعاء لها، لأنّها تحلم برؤية ابنها، وبالفعل وضعت «رانيا» طفلها في اليوم الثاني وكان شديد الجمال، وأخبرها الأطباء بأنّها لم تراه لأنّ حالتها خطيرة، وبالفعل تم نقلها العناية المركزة، وظلت فاقدة الوعي لعدة أيام، حتى ماتت دون ان ترى طفلها الذي انتظرته لأيام طويلة.
وكشفت «تقى» أنّها عندما نزلت إلى ثلاجة الموتى، ووجدت جثة «رانيا» احتضنتها وقبّلتها وأخبرتها بأنّ ابنها بصحة جيدة وأن تطمئن عليه ولا تخاف، ثم غسلتها وكفنتها، مؤكدة أنّها بكت عليها كثيرا بسبب أنّها لم تتمكن من رؤية ابنها قبل وفاتها وكان ذلك هو حلمها الوحيد.