وسيم السيسي
منذ أكثر من ألفى عام تشير المراجع كالعهد القديم والجديد، وكتب التراث فى الهند والصين وروما القديمة، إلى عملية استئصال الخصيتين لأسباب أبعد ما تكون عن مصلحةالإنسان. كان هؤلاء الضحايا يسمون بالخصيان، وكانوا يقومون بوظيفة حراسة النساء، خصوصاً غرف نومهن. كما كانت تجرى هذه العملية كعقوبة لاعتداءات جنسية كالاغتصاب، أو كعقوبة أثناء الحرب، فبعد معركة AduwA بين إثيوبيا وإيطاليا ١٨٩٦م خصى الإثيوبيون سبعة آلاف إيطالى، حتى إنه عندما اجتاحت إيطاليا إثيوبيا ١٩٣٥م كان الفزع الأكبر لدى جنود إيطاليا هو أن يأسرهم الإثيوبيون.
فى الدنمارك ظلت عقوبة استئصال الخصيتين لمعتادى الإجرام حتى عام ١٩٧٢م!، ظهرت أوبرا فى إيطاليا ١٦٥٠م، وكان الخصيان هم أحلى المغنين وأنقاهم صوتاً، وتاريخ الأوبرا يذكر المغنى Velutti لجمال ونقاء صوته بسبب استئصال الخصيتين!. جدير بالذكر أن شرب الينسون يجعل الصوت جميلاً، ويقال لأن هذا المشروب به هورمون أنثوى اسمه الاستروجين الذى يزيل عن الأحبال الصوتية خشونتها الذكورية.
لو ذهبنا لعالم الحيوان، نجد خصى العجول للتسمين، أو الخراف لزيادة الوزن وحلاوة الطعم، وللقطط والكلاب الذكور، لمنع الإنجاب، وتهذيب السلوك الشرس، كما نجد جمعيات الرفق بالحيوان، تأخذ الكلاب والقطط الضالة وتجرى عليها هذه العملية بدلاً من قتلها أو تسميمها.
نجد فى تاريخ الطب أن استئصال الخصيتين كان عند الرجال الذين يعانون من تضخم البروستاتا الشيخوخى، ثم اندثرت هذه العملية وذهبت إلى عالم النسيان، ولكنها مازالت تجرى حتى اليوم فى حالة سرطان البروستاتا، ذلك لأن الهورمون الذكرى بمثابة البنزين للنار للخلايا السرطانية، وفى بعض الحالات نضع كرة من السليكون فى حجم الخصية فى كل ناحية، من أجل الراحة النفسية للمريض، ولحسن الحظ، تقدم الطب بحقنة فى جدار البطن كل ثلاثة أشهر بديلاً عن العملية.
قد نستأصل خصية واحدة إذا كان بها سرطان، وفى التاريخ الطبى العالم البريطانى David Wallace استأصل خصية شاب فى إحدى الدول العربية دون أن يأخذ منه موافقة مكتوبة، فما كان من الشاب العربى إلا أن أقام دعوى ضد ديفيد والاس، فحكمت المحكمة باستئصال خصية من الطبيب المشهور، هرب عن طريق البحر، وبعد سنوات طويلة دعته للزيارة إدارة المستشفى الذى أجرى فيه العملية سابقة الذكر فاعتذر بأن عليه حكماً، قالوا له لقد سقط الحكم بعد ٢٥ سنة ونحن نعرف ذلك، ولا بد أن تحضر احتفالية مرور ٢٥ سنة على المستشفى الذى ساهمت فى تأسيسه، حضر ديفيد والاس، وفى كلمة الافتتاح قال: أنا مدان لكم بخصية نظير خصية سرطانية استأصلتها وأنقذت مريضًا، الآن يمكنكم أن تأخذوا منى الاثنتين فلم أعد فى حاجة لهما
نقلا عن المصري اليوم