ميلاد يسوع بين سجود العلماء الأذكياء وحقد الحكام الأغبياء !
الاب الدكتور أثناسيوس حنين
(أن دراسة التاريخ تزعج الفاشيين وكل صور القهر والاستبداد السياسى والدينى ’ لأنها ’ أى دراسة التاريخ ’ تقدم صورة متعددة عن الحياة الانسانية ’ وأليات التفكير الناقد والفاحص ’ وهو ما يخشاه الاستبداد والقمع ’ لأن التاريخ يغرس فى الانسان القدرة على البحث والرغبة فى طرح الأسئلة الجذرية ! ) أرنولد توينبى .
يظن البسطاء منا ’ كما ظن الكثيرون ’ عبر التاريخ ’ يظنون ’ وهنا كل الظن أثم وليس بعضه! أن المسيحية هى ديانة البسطاء والخانعون فقط ! والأذكياء يمتنعون ! كما يظنون بأن المسيحية هى ديانة وردية وسماوية وخنفاوية ’ ترعرت فى أحضان الحنان السماوى والدلال الميتافيزيقى ! وأنها لا تمت لهذا العالم بصلة ! وكأنه بعبارة (لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم ! ) قد قضى الأمر ! بينما المسيحية هى يسوع والذى كما قال يوما نيافة الأنبا موسى الحبوب (أنه قد ولد مصلوبا!) ربما لم يعنيها سيدنا فى كل ابعادها التاريخية لضيق الوقت للبحث ! لكنها حقيقة تاريخية وعقيدة لاهوتية ! المسيح لم يموت فجأة يوم الصلبوت ’ بل لقد ولد والموت يلاحقه ! ولكن من أين وعلى يد من !
يقول استاذنا فى كلية اللاهوت وفى مادة العهد الجديد جامعة أثينا سافاس أغوريديس بأن الانجيلى متى قد أورد أربعة اشارات تاريخية فى روايته عن ميلاد يسوع وهى 1 - سجود علماء الفلك حكماء عصرهم (المجوس) 2 - خطة هيرودس لقتل يسوع 3 - قتل الاطفال الرضع وأخيرا4 - لجوء (وليس هروب !) العائلة المقدسة الى أرض مصر المضيافة دوما . يرى البروفسور أغوريديس بأن قصد متى الانجيلى من وراء هذه الرويات التاريخية هو أظهار أن يسوع المسيا لم يولد وفى فمه ملعقة من ذهب ّ ولم يكن له الوقت ليسعد برتبة المسيا المخلص ! لأن العالم باركانه الساقطة قام عليه فى شخص هيرودوس ’ بينما تجاهله بلدياته وأهل بلده (بيت أحبائه) من محترفى التدين واساطين الفتوى ! ’ ولا عذر لهم ! لأنه قد جاء علماء فلك وحكماء وفلاسفة أمميون ’ لا شريعة لهم ولا نبوات ’ من الشرق ’ ربما من بلاد العرب أو من بلاد فارس (ايران اليوم تقريبا) ’ وهم يسألون ويبحثون ويستعملون لغة المؤرخين (أين هو ملك اليهود ! ) متى 2 . علماء الفلك الأمميون ادركوا الرؤية ’ وجاؤا ليسجدوا له والسجود هنا عبادة ’ بينما أهله اصحاب النبوات تجاهلوه وتركوه فريسة بين يدى حاكم مريض بحب السلطة ويعشق سفك الدماء (وبالتالى المال والنسوة) ! الصراع لم يكن شخصى بل تاريخى وموضوعى الصراع كان بين المسيا (يسوع)الأتى من السماء ’ والمسيا(الامبراطور) الأتى من الأرض ! لأن الامبراطور الرومانى كان موضوع عبادة الناس ! وصورته على العملة ! وكان عقاب رفض السجود له هو القتل على الهوية كما يقول أخوتنا اللبنانيون ! لقد أصاب الرعب والهلع كل سكان أورشليم – القدس لمجرد التفكير بأن هيرودس قد يقدم على قتل كل مولود جديد ’ ليس فى العائلات الفقيرة فى المدينة ’ بل فى الأوساط الارستقراطية ! لأن فكرة أن يولد المخلص فقيرا ’ لم تكن واردة ! ولكن هنا لابد من ذكر أن اللاهوتيين والمفكرين فى المجتمع الهيلينواممى عبرانى ’ وكل حاكم فاسد له حاشيته من العلماء الفاسدين ! أخبروه بأنه وحسب النبوات فأن المسيا سوف يولد فى بيت لحم . وهنا تفتق ذهن الحاكم بأن يحول معارف العلماء واللاهوتيين البريئة والتاريخية ’ الى وسيلة لتحقيق مأرب رديئة وحقيرة ! وهى قتل الانبياء والعلماء الأبرياء ! وقمع البسطاء ! أجهاض مشروع نهضة الانسانية ! أستغل الحاكم هيرودوس العلماء ’ يقول استاذنا اليونانى ’ وهنا النص الانجيلى كاشف لكيف يعمل الحكام الطغاة أيا كانت ركائبهم ! أولا أستدعى العلماء ! ماشى من حقه وشرف ليهم ! بس (سرا !) كم من الجرائم ضد الانسانية ’ وكل جريمة ضد الانسانية هى ضد يسوع لأنه هو الانسانية الجديدة ! نقول كم من جرائم تم التخطيط لها ووضع لماستها الاولى والاخيرة (سرا ) بين الحكام وأشباح العلماء ! والحكام ! فى الغرف المغلقة وفى سراديب القصور وكهوف دور الفتوى مسيحية أكانت أم يهودية أم اسلامية ! ثم طلب منهم (البحث بالتدقيق ! ) شئ رائع !!! حاكم يطلب من العلماء البحث !وبالتدقيق ! شئ رائع ! والهدف هو السجود له ! (متى 2 ’7 – 12 ) . علماء الفلك هم طبقة من الباحثون فى علم النجوم المحترفون ويتبأؤؤن مكانة كبيرة بين حكماء وفلاسفة عصرهم فى الشرق (ليسوا سحرة نكرر ) . ولأنهم ذو نوايا طيبة فقد كلمتهم السماء بلغتهم أى بنجم كما يقول مبشر انجيلى كبير ! هنا الأبحاث بالنيات ! يقول عنهم يوسيبوس المؤرخ العبرانى بأنه كان قد أنتشر ’ وقتها ’ تراث كبير ’ يرى بأن من اليهودية ’ سوف يأتى قائد جديد للبشرية .
ويقول هذا يوسيبوس لكى يبين بأنه حينما تم اعلان فيسبانيانوس امبراطورا من قبل وجهاء و قادة سوريا ’ رأى الجميع بأن النبوة تنطبق عليه .ولأن الفلكيون كانوا على دراية بهذه االنبوة’ والنبوة وقتها كانت حدثا ثقافيا كبيرا وليست نزوة فى كهف أو قلاية ! ’ جأؤا من الشرق لكى ما يسجدوا للملك المولود ’ ولقد قادهم النجم والذى يرى فيه الذهبى الفم ’ "الملاك المرشد". وهنا يظهر قصد الانجيلى متى بأن يظهر سجود الفلكيين ’ الأمميين’ واحترامهم فى مقابل عداء هيرودوس ملك اليهود . وهو يريد أن يظهر مكانة الحادثتين ليس فقط فى حياة يسوع بل فى مسيرة الكنيسة الناشئة . يسوع سوف يتمتع باعتراف الأممين وعباد النجوم ’ والذين جاؤوا ليسجدوا له كملك وربطوا القول بالفعل وقدمو له الهدايا التى تقدم ’ عادة ’ للملوك (ذهبا ولبانا ومرا ) ’و على عكس علماء الأمم ’ قام اليهود فى شخص حاكمهم هيرودس لكى ما يهلكوا الصبى ! الشعب الفاسد يصنع حاكما فاسدا ! اللى يتجوز أمى ’ أقوله يا خالى ! (الجملة الأخيرة دى مش بتاعة البروفسور اليونانى ! دى صنعت فى مصر ! ).كل حياة يسوع من ولادته الى موته ’ لم تكن حياة هادئة ! بل مصلوبة وحافلة بالمشاكل (ياريت وعاظ يسوع الرومانسى اللتيف والتيك أوى ! يسمعوا ويعوا). لم يكن يسوع يشعر بعداوة العالم له ونهاية حياته الفجائية والمأساوية ! مش فاضى يضيع وقته وملء زمانه فى حوارات حقودة وتافهة على صورة من اخترعها ! هكذا حياة المسحاء والعظماء ! لم يكد يرى نور الحياة ’ الا والملك هيرودوس يبحث عن أستئصاله من أرض الأحياء . لقد قتل اليهود بالتعاون مع الحكم الرومانى فى أورشليم القدس يومها مخلص العالم ومسيح الفقراء والمقهورين . هذا الحقد القاتل لم يظهر فجأة فى حياة يسوع فى نهاية حياته ! أن القتل سمة الحكام ورجال الدين الطغاة ولغة السلطة المطلقة والتى تفسد مطلقا ! كان القتل تراث عائلى وتسليم قبائلى وبدوى ’ لقد قتل ابن هيرودوس انتيباس يوحنا المعمدان ’ وكما قتل حفيده (القتل ميراث عائلى !) هيرودوس الكبير فى سنة 41 -44 ’ يعقوب ابن زبدى وكما قبض على بطرس. لم تكن هناك علاقات طيبة بالمرة بين عائلة الهيرودوسيين ويسوع والكنيسة ’ لأن الكنيسة الحقيقيةهى كنيسة يسوع ’ لا تنافق سلطة ولا تسجد لبعل ’ ولا تبارك الظلم ! بل تتلهوت وتبشر . لقد عاشت العائلة الهيرودوسية فى ظل تراث لاهوتى كاذب ’وصلهم بالتأكيد على يد لاهوتيين السلطة الكذبة !!! بأن عصرهم سوف يكون هو العصر المسيانى الجديد لخلاص الأيكومينى أى المسكونة الجديدة . ومن هنا نفهم عنف رد الفعل ضد يسوع واتباعه والجماعة المسيحية الناشئة. كانت هذه هى القناعة الكبرى التى يقوم عليها حزب الهيروديين ’ الحزب السياسى فى قالب دينى ولاهوتى ! والذى نراه فى مواضع كثيرة فى العهد الجديد بل وفى بلاد كثيرة اليوم . الفكرة هى أن الرؤية المسيانية قد تحققت فى بيت هيرودوس ! الصدام كان بين نبوة هيردوس المسيا الكاذب ’ وبين المسيا الحقيقى ’ يسوع مخلص العالم فى رؤية كونية تشمل السماء والأرض كما نرتل فى قنداق بارامون ميلادى المسيح
(اليوم البتول تلد الفائق الجوهر ’ والأرض تقرب المغارة ’ لمن هو غير مقترب منه ’ الملائكة مع الرعاة يمجدون ’ والمجوس مع الكوكب فى الطريق يسيرون ’ لانه قد ولد من أجلنا صبى جديد ة الاله قبل الدهور)
« Η Παρθένος σήμερον ,τον Υπερούσιον τίκτει , και ή γή το Σπήλαιον . τώ άπροσίτω προσάγει . ¨Αγγελοι , μετά Ποιμένων δοξολογούσι . Μάγοι δε ,μετά άστερος , όδοιπορούσι . δι, ήμας γάρ έγεννήθη , Παιδίον νέον, ό πρό αίώνων Θεός »