في مثل هذا اليوم 2 يناير1947م..
الزعيم الهندي مهاتما غاندي يبدأ مسيرة من أجل السلام في الهند بعد أن ظهرت بوادر الحرب الأهلية بين الهندوس والمسلمين في شبه القارة الهندية مع اقتراب الاستقلال من الاحتلال البريطاني..
عظم المعلمين ليسوا بالضرورة هؤلاء الذين يعلمون الأطفال في المدارس؛ بل قد يكونون هؤلاء الذين يتركون بصمة دائمة على التاريخ الإنساني، والذين يعلِّمون الناس المحبة، والتسامح، ووسائل المقاومة السلمية.
ولد مُهَندَس كَرَمشنَد غاندي في الهند عام 1869، وقد كان إنسانًا طيب القلب بصورة استثنائية، وهو ما جعل الناس يطلقون عليه اسم «مهاتما غاندي»؛ حيث تعني كلمة مهاتما "الروح العظيمة". عندما ولد غاندي كانت الهند جزءًا من الإمبراطورية البريطانية؛ فكان يحلم بوطن مستقل وسالم، وقد سعى طوال حياته من أجل تحقيق ذلك الحلم.
«مسيرة الملح» هي إحدى أشهر حركات العصيان المدني التي قادها غاندي. فقد كانت بريطانيا تسيطر بإحكام على صناعة الملح؛ فلم يُسمَح للهنود بجمعه أو بيعه. ولأنه عنصر هام في الغذاء الهندي، أُجبر الهنود على شرائه من بريطانيا؛ كما فُرضت على الشعب ضريبة كبيرة على الملح. لذلك بدأ غاندي "مسيرة الملح" لمعارضة الحكم البريطاني وضريبة الملح؛ ففي عام 1930، وبصحبة العديد من الهنود، بدأ غاندي مسيرة وصلت 240 ميلًا نحو البحر لجمع الملح وتصنيعه بأنفسهم.
لقد كان غاندي شخصًا واحدًا، إلا أنه استطاع بوسائل غير تقليدية إحداث صدع في الإمبراطورية البريطانية؛ فكان تأثيره مثل تأثير النملة على الفيل: ضئيل، ولكن مزعج.
«في بادئ الأمر يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تفوز».
من أجل الحرية، لا يجب أن تعتمد على أحد. فقد استولت الإمبراطورية البريطانية على المواد الخام الهندية؛ حيث كانت تعيدها إلى الهند في صورة ملابس. فشجع غاندي الناس على صنع ملابسهم بأنفسهم؛ حتى لا يضطروا لشراء الملابس المحاكة في إنجلترا. وقد اعتاد غاندي السفر مصطحبًا عجلة الغزل، وذلك لنشر الفكرة؛ كما كان يُرى دائمًا وهو يغزل حتى أثناء إلقائه الخطب. ولذلك فإن عجلة الغزل هي رمز استقلال الهند.
لقد كان غاندي محبوبًا وموقرًا من عديد من الهنود؛ فلم يقتصر حلمه على إنهاء الحكم البريطاني، بل عنى أيضًا بصالح الهنود وبكيفية تعاملهم مع بعض. فقد حاول على سبيل المثال إقناع ملاك الأراضي بتخفيض الإيجارات التي يحصلونها من المزارعين المستأجرين. وقد لجأ إلى الإضراب عن الطعام كلما كان هناك خلافًا؛ كان الإضراب عن الطعام لأيام عدة يصيبه بالمرض، ولشهرته ومقامه لم يشأ أيٌّ من الأطراف أن يتحمل مسئولية وفاته فعادةً ما كانوا ينصاعون لرغباته.
إحدى مقولات غاندي الملهمة هي: «مبدأ العين بالعين يؤدي في نهاية المطاف إلى عالم أعمى بالكامل». وتلك المقولة توجز فلسفة غاندي وأفكاره؛ فقد آمن بأنه لجعل العالم مكانًا جميلًا يجب وضع نهاية للعنف. لقد آمن غاندي بقدرته على إحداث تغيير، وقد فعل؛ فقد استعادت الهند استقلاليتها في عام 1947.!!