حمدي رزق
«لقد طفح الكيل»، «وبلغ السيل الزُّبَى» حتى «لم يبقَ فى قوس الصبر منزع»، ثلاثة أقوال درج العرب العاربة على التلفّظ بها عند نفاد الصبر أو تفاقم الأمور إلى حد لا يمكن السكوت عنه، أو الصبر عليه.
هذا حال الخارجية المصرية وهى تصدر أعنف بياناتها ردًا على تصريحات لفظية إثيوبية خرقاء لا محل لها من الإعراب السياسى أو الدبلوماسى، فى سياقات احترام السيادة الوطنية والنهى عن التدخل فى الشؤون الداخلية.
واستدعت الخارجية المصرية القائم بالأعمال الإثيوبى لتقديم توضيحات حول تصريحات منسوبة إلى المتحدث باسم الخارجية الإثيوبى «دينا مفتى»، تُعد تجاوزًا سافرًا، وغير مقبولة قاهريا جملةً وتفصيلًا، وتمثل خروجًا فجًا عن الالتزامات الواردة فى القانون التأسيسى للاتحاد الإفريقى.
البيان المصرى، الذى صيغ بلغة دبلوماسية راقية لا تقطع وصلًا ولا تهمل حرفًا، يلفت العالم إلى التحرشات الإثيوبية المتكررة خرقًا للمواثيق الدولية.
ورغم التحرشات السياسية الإثيوبية المستدامة، وعلى مستويات سياسية ودبلوماسية عدة، وكأنها توزيع أدوار، لم ينفد صبر مصر بعد، ولن ينفد، حبال الصبر طويلة.
ورغم الاستفزازات الإثيوبية المتكررة، لن تُستدرج مصر إلى الحالة العدائية التى يرومونها هناك فى أديس أبابا ليتبضعوها حول العالم خروجًا من أزماتهم الداخلية.
يسمون المسلك الإثيوبى «الهروب إلى الأمام» عبر مياه حوض النيل، الهروب من الحرب الأهلية المستعرة فى الهضبة الحبشية بالتحرشات الإقليمية.
يصدق فيهم القول «رَمَتْنى بدائها وانسلت»، أى عيّرتنى بعيب هو فيها وذهبت، أو ألصقت بى تهمة هى صاحبتها وغادرت، ولكن الخارجية المصرية أوقفتها عند حدودها، ولفتتها إلى معالجة أزماتها الداخلية بدلًا من تصدير الأزمات إلى دول الحوض، وفى البيان الذى حرره المتحدث الرسمى المستشار «أحمد حافظ» ما يُغنى عن بيان الأزمات الداخلية الإثيوبية، التى تمسك بخناق النظام الإثيوبى، الذى لا يكف عن التحرشات السياسية.
أخشى أن نظام «آبى أحمد» سادر فى غَيّه، مدفوعًا برغبات عدائية ضد دول الجوار، يخترق الحدود السودانية، يتحرش بالثوابت المصرية، هروبًا من استحقاقات مستحقة فى قضية السد الإثيوبى.
اسْتَمْرأ الكَيْد والمكايدة السياسية، وقبل كل جولة مفاوضات تصدر تصريحات عدائية لعرقلة المسار، وتجميد المفاوضات، ولفت الانتباه عن القضية الأساسية، حقوق مصر والسودان القانونية والتاريخية والعادلة فى مياه النيل الأزرق.
تعوَّذوا بالله من جار السُّوء، وفى الحالة الإثيوبية لا يكفى التعوُّذ، يستوجب إظهار «العين الحمراء»، نظام «آبى أحمد» جاوز المدى فى عدائياته تجاه مَن يمدون أيديهم بالسلام.