زهير دعيم
( في رثاء المايسترو الجميل الياس الرّحباني والذي انتقل الى الامجاد السّماوية يوم الاثنين في الرابع من كانون الثاني 2021 جرّاء وباء الكورونا ).
وهوت أرزة أخرى من أرزات لبنان ؛ هوت واقفة تتحدّى وتغرّد المجد بشموخ.
وغاب نجم آخَر جميل من نجوم لبنان ، غاب ببسمته الحيية والقريبة من القلب .
وانقطع وتر ولا أحلى من أوتار قيثارة الفنّ الشّرقيّ والغربيّ .
سقط ثالث الرحابنة العِظام، هذه المدرسة الرائدة التي وضعت بصماتها على الموسيقى الشرقيّة ، فغرّدت لها ومعها الأجواء والأوداء ، ورقصت على وقعها عنادل الارض والسّماء.
رحل الياس الرحبانيّ : الشّاعر والمؤلّف والناقد الموسيقيّ والمايسترو الرائع وصغير الأخوة الرحابنة ، فقد سبقه الى الأمجاد السّماوية أخواه عاصي ومنصور اللذيْنِ أسّسا مدرسة الرحابنة الجميلة والفريدة والمُعطّرة بشذا التجديد والجمالية ، فزركشا صوت فيروز الملائكيّ بسربال من أعذب الانغام وأشجى الألحان فطار صيتهما ووصل السماء.
رحل من لحّن لفيروز : الاوضة المنسيّة ويا طير الوروار وقتلونا عيونا السود وحنّا السكران و... فأضفى على فنّها الجميل رونقًا وجمالًا ما زال عطره يفوح..
رحل من لحّن للصبوحة : شفتو بالقناطر وكيف حالك يا أسمر فترنّحت بيروت وجونيه ودمشق والجليل.
ولم ينس عملاق الطّرَب الاصيل المرحوم وديع الصافي فخصّه بلحن جميل لاغنيتة ( يا قمر الدّار ) ما زال صداها يرنّ في فضاءات بشرّي والشخروب .
ولن ننسى همس حرفه الجميل في حنّا السّكران والديو الجميل الذي خطّه قلمه ( يا بو مرعي) فجمع الصافي مع جورجيت صايغ ..ناهيك عن ماجدة الروميّ وملحم بركات وكثيرين.
رحل الياس الرحبانيّ ولم يرحل .
رحلَ وظلَّ همس وتره يُدوْزن أعذب الألحان ، وظلّت بسمته الجميلة تُعطّر الشاشات.
رحل مَنْ تركَ خلفه إرثًا خالدًا ، سيبقى يقول : كان هنا أبو غسّان! .
مرّ من هنا الياس الرّحبانيّ
مرّ من هنا عملاق آخَر من عمالقة لبنان ومن االأُسرة التي عشقت وما زالت تعشق الموسيقى والغناء والمسرح والفنّ الرّفيع.
رحل وظلّت روحه هائمة تُحلّق فوق " سما لبنان" ترمقه بعين الأمل والرجاء لعلّ هذا البلد الجميل يصحو من غفوته وينهض من كبوته ويتابع مسيرة الرقيّ والبناء والعطاء ؛ مسيرة فيروز وجبران ونعيمة وتقي الدين وسعيد عقل والروميّ وبركات وألف الف عبقري لوّنوا بعطائهم الشرق والغرب بألوان قوس قزح.
لروحك سلام يا أبا غسّان ..
نم قرير العين، ففي عرينك شبلٌ بل أشبال يزأرون موسيقى ويتّنفسون فنًّا وطربًا أصيلًا.
لروحك سلام...