عاطف بشاي
فى مقال هام بـ «الأهرام» لـ «د.أحمد زايد» أستاذ علم الاجتماع المرموق يناقش فيه أوضاع الطبقى الوسطى.. يبدؤه بأن المجتمع البشرى يعتمد على مبدأ «التعاون» الذى يعتبر أساس وجوده.. فالتبادلية التى تعنى العطاء القائم على الأخذ والعطاء والمشاركة، وليس الاقتصار على استئثار الفرد بتحقيق حاجته بمعزل عن الآخر، أو تفضيل التبادل بين أطراف غير متكافئة (تابع ومتبوع أو قوى وضعيف أو صاحب وفرة مادية ومحروم)، مما يؤدى إلى استحواذ وسيطرة وتملك لشريحة أو طبقة اجتماعية فى مواجهة أغلبية تعانى من الاحتياج والعوز والمعاناة، والظلم الاجتماعى الذى يستبعد تلك الأغلبية أو يتم تهميشها، ويثنيها عن المطالبة بحقوقها الإنسانية بمعزل عن مبادئ التكافؤ والمساواة.. وهذا من شأنه- كما حدث فى مجتمعنا خلال الأربعين عامًا الماضية والذى أدى إلى قيام ثورتين (25 يناير و30 يونيو)- أن يقود إلى انقلاب السلم القيمى والتطور المخيف الذى طرأ على الشخصية المصرية. بل كما يميل «د. جلال أمين» إلى تفسير أحداث العنف مؤكدًا أنها جاءت فى فترة حكم «حسنى مبارك» بمتاعبها الاقتصادية واستفحال الفوارق الطبقية بين الطبقات، مع انتشار تعليم ردىء وإعلام أكثر رداءة فى إفساد العقول، مما أدى إلى تفشى العنف، مضافًا إلى توحش الفقر ودعاوى التكفير وانتشار الخرافة والدجل الدينى والغيبيات، وافتقاد المشروع القومى الذى يلتف حوله المصريون.. وفقدان الأمل فى تحقيق العدالة الاجتماعية حيث نسبة البطالة التى تزيد ولا تقل، والعشوائيات التى تلطخ جبين دولة تزدرى الفقراء ولا تمن عليهم بأبسط الحقوق، وتتركهم يموتون فى مستشفيات بشعة أو يصرعون ضحايا قطارات متهالكة، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة وتفاقم العنف الذى يتربص بالبسطاء.
لذلك فإن إدراك الرئيس «السيسى» الواعى والعميق أن فكرة العدالة الاجتماعية تتعلق بالفلسفة العامة للدولة وسياستها الاقتصادية، وكلتاهما تتعلق بالموقف الأخلاقى والإنسانى من قضية «الغنى» و«الفقير»، ونمط التنمية المطلوب ونوع النهضة المنشودة.. فالثورة الحقيقية تعنى العدالة الاجتماعية.. وبدون العدالة الاجتماعية لا تتحقق الديمقراطية ولا الحرية الإنسانية ولا الكرامة البشرية.. هذا الإدراك المحمود أفرز تحولات شاملة تتمثل فى إنجازات غير مسبوقة ومبهرة، أتصور أن من شأنها تغيير وجه الحياة فى مصر، واستشراف مستقبل مشرق ينتصر لمبدأ التكافؤ والتبادلية التى يتحدث عنها «د.زايد».. هذه الإنجازات تمثل سن قانون جديد للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر تنص لائحته التنفيذية على دعم تك المشروعات بتخصيص تمويل ميسر لها.. وتبسيط الإجراءات المطلوبة لصالح البسطاء الذين يعملون بشرف لتنمية مواردهم.. كما تشمل تنمية محافظات الصعيد للارتقاء بمستوى معيشة المواطن وخفض نسب الفقر.. ورفع جودة مشروعات البنية التحتية وزيادة الاستثمار.. والاعتماد على المنتجات الوطنية، والبدء فى تنفيذ المشروع الضخم لتطوير قرى الريف المصرى لتشمل 1500 قرية كمرحلة أولى بتكلفة 500 مليار جنيه.. وتحقيق الهدف بإنقاذ الفقراء ومحدودى الدخل من العوز والاحتياج. كما تأتى مشروعات تطوير المستشفيات وعلى رأسها «قصر العينى» و«أبو الريش» للأطفال والمعهد القومى للأورام لمساندة ودعم المرضى والبسطاء بالعلاج المناسب دون تكاليف باهظة ومعاناة متزايدة.. وقد جاء توجيه الرئيس السيسى بتكامل المشروعات بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ليؤكد على استراتيجية الدولة لتوطين الصناعة، ومنح الأولوية لإنتاج السلع والمنتجات التى يتم استيرادها من الخارج وفقًا لاحتياجات السوق المحلية.. بهدف تخفيض أعباء الاستيراد وتوسيع نطاق التصدير.
ويأتى تتابع تنفيذ مشروع التأمين الصحى الشامل فى المحافظات المختلفة درة من درر الإنجازات التى تتم فى هذا العصر.. لا يضاهيها سوى السعى الحقيقى المطرد للقضاء على العشوائيات فى شتى ربوع الوطن. حسنًا.. إن الغد يشرق بعدالة اجتماعية ناجزة وكاملة.. تشى بمستقبل سعيد لوطن عانى شعبه طويلًا لتحقيق مبادئ المساواة والتكافؤ بين أفراده.
Atef.beshay@windowslive.com
نقلا عن المصرى اليوم