هاني لبيب
«ليلة رأس السنة لا تعنى لى شيئًا ولا أحتفل بها أصلًا»، عبارة ليست غريبة على «عبدالله رشدى»، وهى تُضاف إلى سلسلة طويلة من التصريحات الشاذة والمسيئة له، ومنها تأكيده فى برنامج «هنا القاهرة» على أن «المسيحيين كفار»، ما تسبب فى انسحاب المخرج مجدى أحمد على والمفكر الإسلامى أحمد عبده ماهر، وقتها، من البرنامج.
ثم كتب على صفحته الشخصية فى «فيسبوك» قبل الاحتفال بعيد الميلاد 2017 أن «التهنئة فى الأعياد لغير المسلمين مع الرضا بشعائرهم وتعظيم اعتقادهم كفرٌ لا نزاعَ فيه»، والغريب أنه يختتم العديد من بوستاته على «فيسبوك» بهاشتاج #الأزهر_قادم، وكأنه يقصد الإساءة إلى هذا الصرح، من خلال الإيحاء بأنه يستند فى مقولاته إليه، أو كأنه ممثل رسمى له أو متحدث باسمه.
الخطير فى التصريحات السابقة أنها تسير ضد كل الجهود التى تتم لصالح إرساء وتحقيق المواطنة المصرية، وهى محاولات خبيثة لعمل «بلبلة» بين أبناء الشعب المصرى واستفزاز قد يجد صدى عند البعض من معتنقى الفكر الداعشى، ليُترجَم عمليًا بعد ذلك فى الهجوم على كنيسة هنا أو تفجير كنيسة هناك.
أعلم جيدًا أن البعض يبحث لنفسه عن مكان فى العالم الافتراضى بالآراء الشاذة، ولكن يظل الموقف الرسمى للدولة وللأزهر الشريف- كما كتبت كثيرًا- هو الارتكاز على حوار القيم والمبادئ الإنسانية الواحدة فى الأديان، وليس الحوار العقائدى، لأن العقيدة من الثوابت التى لا تتغير ولا يمكن النقاش فيها أو التنازل عنها أو الجدل حولها، إذ إنها من المطلقات الإيمانية فى كل دين. وما نحتاجه هو التأكيد على المساحات المشتركة من القيم والمبادئ السامية للأديان فى التوحيد بالله والعدل والمساواة والتسامح وقبول الاختلاف، وهى مساحات مشتركة كبيرة جدًا بين الأديان السماوية، وتظل مساحة الخصوصية فى العقائد الدينية باعتبارها من مطلقات كل دين هى المساحة الصغيرة التى لا يجوز المقارنة أو التفضيل على أساسها بين الأديان.
وهذا الأمر أكده مؤخرًا الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تهنئته بمناسبة عيد الميلاد، خاصة فى مسألة حرص الدولة على أن تقدم النموذج للشعب بغرس مفاهيم الاختلاف والتنوع فى الشكل والفكر والعقيدة، كسبيل أساسى للتقدم والتطور، وكحقيقة إلهيّة يجب احترامها وتقبلها فى المجتمع الواحد، أخذًا فى الاعتبار ما تدعو إليه كافة الأديان من التعايش على الأسس الإنسانية ونشر قيم المحبة والمساواة، فحقًا أى مواطن ينتمى لهذا البلد لا ينبغى أن يكون لهويته الدينية دور فى تحديد أو تمييز ما له من حقوق وما عليه من واجبات.
كما أن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب «شيخ الأزهر» قال بجريدة «صوت الأزهر» فى 30 ديسمبر 2020: «من الغريب أن نجد الآن من يسأل عن موقف القرآن والسنة النبوية المطهرة من مسألة التعامل مع إخوتنا المسيحيين، لأن هذه مسألة محسومة، وكل ادعاء يحرم أصحابه تهنئة المسيحيين فى أعيادهم، وينهى عن أكل طعامهم، ومصافحتهم، ومواساتهم، وغير ذلك، هى أقوال متطرفة لا يعرفها الإسلام»، وهذا هو ببساطة رأى أكبر رأس أزهرى، يعطى مثالًا واضحًا على طريقة تفكير شيوخ وأئمة تلك المؤسسة الدينية.
نقطة ومن أول السطر..
بدلًا من الانشغال بتكفير بعضنا البعض، يمكننا أن نتكاتف معًا لصالح نهضة الدولة المدنية المصرية وتقدمها بالحفاظ عليها وبتماسك وحدة شعبها.
نقلا عن المصري اليوم