بقلم: يوسف سيدهم
مثلما كتبت في مستهل عام 2020 مستعرضا القضايا التي لم نفرغ منها عبر عام 2019 وحملناها معنا بأمل إنجازها, أعود في مستهل هذا العام لأتناول القضايا العالقة والجديدة التي ينبغي التصدي لها وإنجازها… وذلك الرصيد من القضايا يتوزع علي ملفات عدة منها الملف القبطي والملف السياسي والملف الاقتصادي والملف التشريعي وغيرها, وسأبدأ اليوم بالملف القبطي الذي تجدر الإشارة إلي أنه يشهد حالة استقرار علي وجه العموم وتطورات إيجابية في بعض المناحي, إلا أنه لايزال ينطوي علي قضايا عالقة يتوجب الخلاص منها مثل:.
** تقنين أوضاع الكنائس والمباني التابعة لها: وهو المسار الطويل الذي تضطلع به لجنة توفيق أوضاع الكنائس المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء بموجب قانون بناء وترميم الكنائس الصادر في 2016/9/28 والتي بدأت عملها في 2017/9/28 للنظر في 3730 حالة لكنيسة أو مبني خدمي تابع مسلمة أوراقها… ومنذ ذلك التاريخ وحتي 29 ديسمبر الماضي -أي عبر فترة 39 شهرا- انتهت اللجنة من دراسة وتقنين أوضاع 1800 حالة كانت آخرها
المجموعة الثامنة عشرة في سلسلة قرارات اللجنة وقوامها 62 كنيسة ومبني خدمات… أي أن اللجنة أنجزت نسبة 48.25% من الحالات في ثلاث سنوات وربع السنة, فإذا استمر عمل اللجنة طبقا لذلك المعدل من الإنجاز لن يكون متوقعا الانتهاء من باقي الحالات وعددها 1930 حالة قبل انقضاء 42 شهرا أي بعد ثلاث سنوات ونصف السنة لتكون مهمة اللجنة استغرقت ست سنوات وتسعة أشهر… وهي مدة بالقطع طويلة جدا إذا أخذنا في الاعتبار روح القانون الذي استهدف فك أسر الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها التي بنيت بدون تراخيص في زمن أزمة حين كانت التشريعات الحاكمة لتصاريح بناء الكنائس شحيحة وتنزع إلي العسر, أما بعد صدور قانون بناء وترميم الكنائس المشار إليه عاليه عام 2016 وما حمله من معايير جديدة ميسرة فقد عاد الأمل في الخلاص من تلك التركة الثقيلة العالقة خاصة أنها تهدد بين الحين والآخر بنشوب مشاحنات طائفية لا تحمد عقباها.
** مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين, وهو الذي أنجزته الكنائس الثلاث الرئيسية في مصر: القبطية الأرثوذكسية, والكاثوليكية, والإنجيلية, استيفاء للمادة الثالثة من الدستور وأصدرته تحت اسم مشروع قانون الأسرة, وتم تسليمه في أكتوبر الماضي إلي رئاسة مجلس الوزراء لفحصه ومراجعة صياغته تمهيدا لإحالته إلي السلطة التشريعية -مجلسي النواب والشيوخ- لمناقشته وإقراره وإصداره في صورة قانون تحتكم إليه السلطة القضائية عند نظرها الدعاوي المتصلة بالأحوال الشخصية للمسيحيين. والأمل أن يتم إدراك ذلك خلال الفصل التشريعي الذي نحن بصدده لأن العارفين ببواطن الأمور يدركون الكم الغزير من مشاكل الأحوال الشخصية العالقة التي تنتظر الفصل فيها بموجب هذا القانون.
** قضية سيدة الكرم وهي قضية الحادثة المشينة المخجلة التي وقعت في قرية الكرم -محافظة المنيا- في مايو 2016 والتي روعت الضمير المصري بأقباطه ومسلميه, حين هاجم الغوغاء المتأسلمون مساكن الأقباط في القرية علي أثر شائعة ترددت عن علاقة غير مشروعة تربط شابا قبطيا بسيدة مسلمة -وهي شائعة ثبت عدم صحتها- وإمعانا في الانتقام من أسرة الشاب قام الغوغاء بتجريد والدته المسنة من ثيابها وسحلها عارية خارج منزلها حتي سارعت جارتها المسلمة بسترها وتغطيتها… وتم تقديم ثلاثة متهمين -أب وولديه- إلي المحاكمة الجنائية حيث حكمت محكمة المنيا علي كل منهم غيابيا بالحبس عشر سنوات في يناير الماضي, ثم عقب تسليم أنفسهم للعدالة تمت إعادة محاكمتهم وقامت المحكمة في 17 ديسمبر الماضي بتبرئتهم وإخلاء سبيلهم, الأمر الذي كانت له تداعياته السلبية الكثيرة وسط الأقباط والمسلمين ودوائر حقوق الإنسان المتابعة للقضية… لكن الجدير بالذكر أنه في صبيحة اليوم التالي لصدور ذلك الحكم أصدر النائب العام تعليماته إلي النيابة بدراسة الحكم وحيثياته تمهيدا للطعن عليه… والحقيقة أني أجد في هذه المبادرة القانونية من النائب العام أول رد اعتبار للسيدة المسنة ضحية الواقعة المشينة, وأتطلع مع الكثيرين المهمومين بالقضية أن تأخذ العدالة مجراها وتنزل القصاص بمن سولت لهم أنفسهم طعن القيم والشرف والضمير المصري طعنة غادرة تجاوزت كثيرا استباحة شرف تلك السيدة المسنة والتعريض بها.
*** وإلي مقال قادم حول قضايا أخري نحملها إلي عام جديد.