حمدي رزق
«ما ظهرت الفاحشة فى قوم حتى يعلنوا بها، ولذلك نحذر من يعلنون الفاحشة فى المسلسلات والأفلام ومواقع التواصل الاجتماعى، فلنحذر هذا ولنكف لننقذ أمتنا وعالمنا، ولنستحى من الله..» (من خطبة الدكتور أحمد عمر هاشم من منبر الأزهر الشريف).
حديث جد غريب ومن منبر الأزهر الشريف، ما علاقة المسلسلات والأفلام بظهور الوباء، وعن أى فاحشة فى المسلسلات والأفلام تتحدث يا مولانا، ولماذا الربط الجزافى بين الفن والوباء فى دغدغة دينية لمشاعر البسطاء.
الفن برىء من الفواحش التى منها تتعوّذ، وأخشى استعداء الطيبين على الفنانين باعتبارهم أهل فاحشة وتشيع فى فنونهم الفاحشة ويعلنونها على الناس فاستجلبوا الوباء.
اتهام الفن بإشاعة الفاحشة جد خطير، لن أحدث سيادتكم عن رسالة الفن، هذا شرحه يطول، يا مولانا الفاحشة التى تتحدث عنها فى خيال المتهوّسين وليس فى خيال المخرجين، الفن رسالة للعقول.
مع كامل الاحترام لشخصكم الكريم، أخشى من الخشية أن الربط بين الوباء والفن برابطة الفاحشة خارج أى سياق عقلى، وأخشى يتخذ تكأة من قبل المتهوّسين دينيًا لتكفير الفن والإبداع باعتباره سبب الوباء، ويغادر الطيبون الإجراءات الاحترازية إلى الدعاء على الفن وأهله باعتبارهم متفحشين.. وهم سبب الوباء.
كورونا فيروس، والفيروسات علم، والفيروسات أو الحُمَّات، مفردها فيروس أو حُمَّة، وهو عامل ممرض صغير لا يمكنه التكاثر إلا داخل خلايا كائن حى آخر، تصيب الفيروسات جميع أنواع الكائنات الحية حتى البكتيريا، وعلى الرغم من أن هناك الملايين من الأنواع المختلفة، لم يتم وصف إلا حوالى ٥ آلاف نوع من الفيروسات.
ومنذ الاكتشاف الأول لفيروس «تبرقش التبغ» من قبل «مارتينوس بايرينك » عام ١٨٩٨ لم يربط أحدهم بين الفيروسات والفواحش، ولا بين هوليوود والأوبئة، ومنذ البدايات الأولى للسينما الصامتة عام ١٩٠٢ لم يقل أحد إن السينما تشيع الفاحشة، ويوم حذر المصطفى صلى الله عليه وسلم أصحابه من الطاعون لم يكن هناك سينما تنشر الفواحش، بل كان وباء أى طاعون يستوجب العزل.
العلماء والأطباء عاكفون على دراسة مصدر الفيروس، ومتوالية انتشاره، وتحوراته، والتطور الأشد شراسة الذى يهددنا الآن، جميع الأسباب العلمية والطبية لم تذهب مثل هذا المذهب العجيب فى اتهام المسلسلات والأفلام بإشاعة الفاحشة، ولا رتبت على الفاحشة المزعومة شيوع مثل هذا الوباء، يا مولانا الفن مش ناقص اتهامات، حتى الفيروسات الوبائية وراءها الأفلام الروائية، هذا عجيب والله عجيب.
نقلا عن المصرى اليوم