◄| كمال زاخر المفكر القبطي: لو عدلنا لوائح الأزهر سنكون وضعنا لبنة في جدار المواطنة
◄| المحامي رمسيس النجار مستشار الحريات الدينية في الكنيسة الأرثوذكسية: لا أرى مانع من دراسة قبطي في الأزهر أو العكس
◄| القمص عبد المسيح بسيط كاهن كنيسة العذراء بمسطرد في شبرا الخيمة: تحقيق المواطنة يقع على الدولة وليس الأزهر والكنيسة
من يقلب في صفحات التاريخ، لا يفاجأ عندما يقرأ أن أقباط مصر – في فترة من الزمن - لم يجدوا لهم من معين عذب للتعلم سوى رحاب الأزهر الشريف؛ فأقبلوا على أروقته وشيوخه وفقهائه للنهل منهم.. وفي ظل قيام كل فريق بدراسة تاريخ ومعتقدات الآخر، ومع الحذر السائد بين المسيحيين والمسلمين، ربما إحداث تقارب بين أبناء الديانتين هو غاية وهدف ستظل موضع تأمل.
لكن ماذا لو درس قبطي في جامعة الأزهر أو درس أزهري في معهد تابع للكنيسة؟ أو حدث تعاون لآلية تجمع الفريقين ليتعرف كل منهم على الآخر بشكل أعمق وأكبر.. فرغم تباين الآراء بين الأزهريون أنفسهم، ما بين من يقول إنه مسموح للقبطي بالدراسة في الأزهر، لكنه يصطدم بالشروط الموضوعة للإلتحاق، نجد فريق أخر يقول إنه ممنوع دراسة قبطي في الأزهر، فما الحقيقة، وماذا يحدث إن تحقق؟..
الأزهر يمنع
كمال زاخر المفكر القبطي، قال في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم»، إن مؤسسة الأزهر تمنع دخول أقباط إلى الجامعة، وغير صحيح تمام أن الأمر مسموح به حتى لو القبطي توافرت به الشروط، مشيرا إلى أن الأزمة في اللوائح الخاصة بالقبول في الأزهر، وهذا يستدعي التعديل، ولو نجحنا في ذلك سنكون وضعنا لبنة في جدار المواطنة، لأن هناك مشكلة في فلسفة الجامعة، لأن من جهة أخرى هي تخرج طالب منذ النشأة وحتى التخرج من الجامعة لم يحتك بالجنس الآخر، أو حتى الآخر غير المتفق معه في العقيدة، مشددا على أن الأحادية هنا خطيرة جدا لأنه لم يتعامل مع المختلف معه في النوع أو الدين، متسائلا: ماذا سيكون المنتج النهائي؟.
وتابع: «إذا كنا جادين في فكرة المواطنة فلابد أن تخضع جامعة الأزهر لما تخضع له بقية الجامعات.. فالفكرة مستنسخة من أوروبا، فالجامعات في أوروبا قديما كانت في كنف الدير وبعدما أوروبا دخلت في الحداثة وفصلت الدين عن الدولة، أصبحت هذه الجامعات تقبل المختلف في الدين والعرق والجنسية، وهناك مسلمين درسوا في هذه الجامعات، فبالتالي الأزهر يُخرج تعليم موازي للتعليم التابع لوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، فسيكون المنتج مختلف، متسائلا: كيف سيتعامل مع المجتمع؟ وكيف سيتعامل مع الآخر؟، فالقضية يا تعليم يا دين، ولو قارنت بين الأزهر والكنيسة ستقارن في الكليات الدينية، كلية الشريعة أمام كلية اللاهوت، هذه لها خصوصية وهذه لها خصوصية، من حقهم أن يرفضوا أو يقبلوا دخول طالب من عدمه، لكن الكليات العلمية ما المبرر لعدم قبول طالب قبطي؟، مطالبا بأننا بحاجة إلى أن تكون جامعة الأزهر بشقين، شق ديني يتاح لمن يرغبون في دراسة الأمور الدينية وشق مدني لمن يرغب في الانضمام للكليات العلمية، وذلك إذا كنا نحتاج إلى فتح باب لتفكيك الأزمة أو الإشكالية نفسها.
البداية من الأزهر
وذكر أننا إذا أردنا أن نعالج الإزدواجية، والتي تنتج إزدواجية في المنتج، إذا لابد أن نتحدث بشكل منطقي وعلمي فيما يتعلق بما هو عام وبما هو خاص، مشيرا إلى أن الأقباط لو جدلا تم فتح باب القبول في الأزهر سيتقدمون، وكان هناك حالات تقدمت بالفعل ورفعوا قضايا أمام المحاكم ولكن تم رفضهم، لكن لابد أن تكون البداية من عند جامعة الأزهر والتي يجب أن تغير من فلسلفتها حتى فيما يتعلق بالمسلمون أنفسهم لأن هناك تضيق على الطلاب حتى غير الأزهريون.
وطرح زاخر تساؤلا: هل الرأي العام مهيأ بأن يقبل بدراسة أقباط في الأزهر، وهل لو تدخلت الدولة في توجيه سياسة جامعة الأزهر هل سيكون مقبول ليس فقط عند الأزهريين بل حتى في الشارع المصري؟.
ولفت إلى أن الحل يكمن في قبول المؤسسة في البداية بذلك، يليها طرح الأمر لحوار مجتمعي لوضع آلية لذلك، لأنه من الممكن لو بدأنا في البداية بحوار مجتمعي في ظل رفض الأزهر، سيتحول إلى صراع وتلاسن وتسييس بأن ذلك استهداف للأزهر، خاصة أن المتربصين من جماعة الإخوان الإرهابية وغيرهم سيستثمرون هذا الأمر، لافتا إلى أنه لدينا فجوة بين الإعلام والشارع، كما أننا تحتاج إلى وعي سياسي ووعي بتبعات القرار بمتى يصدر وأين يصدر والظروف المتاحة؟.
ما المانع؟
المحامي رمسيس النجار مستشار الحريات الدينية في الكنيسة الأرثوذكسية، قال في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم»، إنه لا يرى مانع من دراسة قبطي في الأزهر أو العكس دراسة أزهري في الكنيسة، لأنه للعلم وهو يختلف عن الديانة أو العقيدة، فليس محجور على الإسلاميين دراسة الكنيسة، وليس محجور على المسيحيين دراسة الإسلام، ونحن كمحامين درسنا الإسلام لمدة 4 سنوات في كلية الحقوق – مصادره ومبادئه وأركانه وغيرهم – مشيرا إلى أن الدراسة العلمية الثقافية لا تمنع من دراسة الأديان.
وطالب النجار، بأن تكون الدراسة تابعة للتعليم العام منذ الطفولة وحتى المرحلة الثانوية، ثم بعد المرحلة الثانوية من يريد الالتحاق بالأزهر فليلتحق ومن يريد الدخول للكليات العامة، فليفعل ذلك، لكن أن يتم تنشئة الطفل منذ الصغر على فكر معين وفق مبادئ انتقادية وعدائية فهذا أمر لا يخدم المجتمع، لكن أن يتم تنشئة الطفل بعقل متفتح هذا ما يخدم المجتمع ويحقق المواطنة بمفهومها الشامل، شريطة أن يكون درس مبادئ الأخلاق الدينية.
النجار، أشار إلى أنه كان لديه قضيتان متعلقتان برفع مسيحيين دعوى للالتحاق بجامعة الأزهر، وكان الدافع من وراء ذلك أن درجات الإلتحاق بالأزهر كانت أقل من العام، ولكن تم رفض الدعوتين لأنهما يتبعان الديانة المسيحية، مبينا أن القانون يحتاج إلى تعديل.
المواطنة مسؤولية الدولة
بدوره، أكد القمص عبد المسيح بسيط، أستاذ اللاهوت الدفاعي في الكنيسة القبطية الأرثوكسية وكاهن كنيسة العذراء بمسطرد في شبرا الخيمة، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم»، أنه ليس من الضرورة أن يدرس قبطي في الأزهر أو العكس، لأن هذه دراسات متخصصة، فمثلا في الأزهر لو تحدثنا عن كلية علمية مثل الطب فالطالب يدرس إلى جانبها مواد دينية، متسائلا: هل لو دخل الأقباط إلى جامعة الأزهر هل سيتم استثنائهم من المقررات الدينية؟، لأنه إذا درس المواد الدينية ففي الكتب هناك نصوص تخالف اعتقاده.
وقال بسيط، إنه على الجانب الأخر، هناك مسلمون يدرسون في المعاهد القبطية، لدراسة مواد دينية معينة خاصة بالدين المسيحي، كما أن هناك أقباط يتقدمون للدراسات العليا في بعض الجامعات الأزهرية لدراسة مواد معينة، لكن أن يدرس في الكليات العلمية سيكون صعب على القبطي، بخلاف أنه ليس هناك المقابل في البطريركية لأن كل دراساتها دينية بحته.
ولفت إلى أن تحقيق الوحدة الوطنية والمواطنة بمفهومها الشامل، لا يتحقق بدراسة قبطي في الأزهر أو أزهري في الكنيسة، ولكن ذلك يأتي بأن يكون ليس هناك فرقا بين الملسم والمسيحي، مثل أن يعين الوزير والمحافظ ورؤساء الأحياء وفي كافة مؤساسات الدولة بالكفاءة لا حسب الديانة، مستطردا أن ذلك صار يطبق بشكل أفضل في عهد السيسي، ولكن مازلنا نحتاج إلى المزيد، مبينا أن الأمر لا يقف عند الأزهر والكنيسة لأنهم متخصصين في الشؤون الدينية، ولكن الأمر يقع على عاتق الدولة والتي بدأت في أخذ خطوات بالفعل.
وأضاف أن عنصر المساواة وتحقيق المواطنة يأتي من خلال تقديم الإسلام في الصورة التي يقدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تلك الصورة المعتدلة التي تمثل النسبة الأكبر من الشعب المصري، لكن للأسف النسب الأخرى الشاذة هي الظاهرة، وتصدر صورة سيئة للإسلام، لافتا إلى أن في النهاية المواطنة هي أن أذهب إلى أي مكان لا أشعر أن هذا مسلم أو مسيحي.