كتبت - أماني موسى
أوضح د. عمرو سليمان، أستاذ الطب النفسي وعلوم الأعصاب المعرفية، أن علوم الأعصاب المعرفية هي علوم ظهرت لكي تحول الطب النفسي إلى علم ملموس، فسلوكيات البشر وصفاتهم الإنسانية هي نتيجة الدوائر العصبية داخل المخ البشري، فالأوامر تسير بشبكة داخل الدماغ مثل شبكة الكهرباء تمامًا، كأن يكتسب شخص صفة الصبر مثلاً، وذلك نتيجة تعرضه لخبرات معينة متكررة، وبتكررها أصبح الشخص قادر على أن يكون صبور ولديه القدرة على التعامل مع الغضب أو التحديات.. وهكذا..
وأضاف في لقاءه مع إذاعة نجوم إف إم، علوم الأعصاب المعرفية هي التي تكشف كيف تتطور النفس البشرية وسلوكياتها وأخلاقياتها وأفكارها، واستخداماته الآن في الذكاء الاصطناعي، كما أن العلوم المعرفية هي المسؤولة عن الكشف عن كافة وظائف المخ، وما تسمى بالنفس هي محصلة إيه؟ مشيرًا إلى أنه لدى الدماغ البشري عدة وظائف مثل التخطيط ومواجهة وحل المشاكل وشطارة الشخص أنه يروض هذه الوظائف للاستفادة منها بأقصى درجة.
وأوضح أن الخلية العصبية قادرة على أن تسمع أوامر الشخص وتتكيف مع سلوكه المتكرر، مثال: شخص مدمن على شيء ما كالشراء مثلاً، لأنه يعدل مزاجي، فتستجيب الخلايا العصبية لهذا السلوك وتحصر تعديل المزاج في القيام بالشراء، ومن ثم أختفى كل شيء آخر، وحين يقرر الشخص التغيير يبدأ بتفعيل الاستجابة لمؤثرات أخرى، وكل إنسان لديه القدرة على التغيير ومواجهة أخطار الحياة وإيجاد حلول.
وتابع، لا يوجد ما يسمى أنه لا يمكن تغيير نمط حياتنا، وهناك بحث أجري مؤخرًا في جامعة هارفارد أكد أن الخلايا العصبية لمخ الإنسان تظل يقظة ولديها القدرة على التأقلم والتكيف والتطور حتى سن الثمانين، ولكنها قد تكون صعبة ومختلفة من شخص لآخر حسب التربية والنشأة وخبرات الحياة ونمط التفكير.
مستطردًا، دايمًا بنقول للناس خلي بالكم وأنتوا بتمارسوا الحياة لأن ممكن تمارسوا الحياة بسوفت وير غلط، وهو ما يسمى أخطاء أو تشوهات التفكير، مثل المقارنة، فهي نوع من أنواع تشوه التفكير، يقوم بها شخص لا ينظر إلى نفسه ولا ينظر لاحتياجاته الإنسانية وإلى أين يريد أن يتجه، فأصبح طوال الوقت يقارن نفسه بالآخر، ومع الوقت تصبح قدرته على أن يكتفي بنفسه قليلة، ومن ثم فهو طول الوقت فاقد لقدرته على الاستمتاع، ولذا نقول "المقارنة هي سارقة الفرح، والشخص الذي يقارن نفسه دائمًا بالآخرين لا يعرف كيف يستمتع بالحياة.
لافتًا إلى أن كل شخص مختلف عن الآخر، والبعض يكون لديه موهبة معينة قد يكون سببها وراثي أو طفرة في جين معين بتركيب الحامض النووي، يجعله رسام أو فنان وخلافه، فنسميه أن الشخص جاي بسوفت وير عليه هذه السمة.
وعن تغيير الصفات السلبية، أكد أن التغيير لا يمكن أن يحدث دون مرشد، ولا يوجد شخص لا يتغير، فجميعنا أشخاص قابلين للتغيير، والأهم هو قدرتك على تقبل ما أنت فيه، أو ما يسمى بمنطق الرضا، ولا أقصد هنا الرضا بالسيء من الأشياء أو الاستغلال أو الإهانة، ولكن التقبل هو قبول الصعوبات وأقرر أن يكون لها خطة في التعامل معها وليس الشعور أمامها بالعجز، فكل إنسان مولود بالقدرة على حل المشاكل، وبعد هذه الخطوات ستجد نفسك مرن لمواجهة المشكلات.
وعن تعريف القلق الصحي، قال د. عمرو أن كورونا كانت بمثابة ألم قوي أخدته البشرية وأي ألم ياخده الإنسان على سهوة يسمى صدمة، ولذا كورونا هي صدمة حياة مشتركة فيها البشرية كلها، وطبيعي أن تصيب الجميع بالقلق، وبخاصة الأشخاص الذين يعانون من قلق مفرط بالحياة، مطمئنًا أن جهاز المناعة البشري سيدرك تركيب هذا الفيروس ليصبح قادرًا على المواجهة فيما بعد.
وأوضح أن القلق العنيف يكون نتيجة تفاعل المشاعر والأفكار، مشاعري خافت فأصبحت أفكاري تحمل سيناريوهات جميعها مخيفة، وأصبحت تحمل أفكار قلقة، ويأتي السلوك للفض بين نزاع المشاعر والأفكار، مشددًا: لا تسلم نفسك لأفكارك ومشاعرك لتتحكم بك وتؤلمك وعمل سلوك ما يساعد على الفصل بين الاثنين.
موضحًا أنه طالما القلق الذي أشعر به لا يخرب يومي ومهامي ويصيب من حولي بضغط، فهذا يعد قلق طبيعي وغير مضر، إنما حين يكون القلق مضر لي ولمن حولي فهنا يحتاج الأمر إلى تدخل طبي، مثال مرضى الوسواس القهري ومرضى المخاوف والفوبيا يحتاجون إلى تدخل علاجي لأنه قلق مؤذي لصاحبه ولمن حوله.