حمدي رزق
كما ودّع العام الماضى بنبوءة «وباء جديد» يضرب البشرية، عاد «تيدروس أدهانوم جيبريسوس»، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، (إثيوبى الجنسية)، ليفتتح العام الجديد بتحذير خطير، قال: «العالم على شفا فشل أخلاقى كارثى».. بالعربية «عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ».
«تيدروس» يلفت الضمير العالمى إلى سوء توزيع اللقاحات، وحث الدول والشركات المصنعة على مشاركة الجرعات المضادة لفيروس كورونا المُستجد بشكل أكثر إنصافًا فى جميع أنحاء العالم.
الإنصاف الذى يتحدث عنه «تيدروس» ليس له مكان فى هذا الكوكب، اللقاح بالضرورة سيذهب إلى الأثرياء، من يملك المال ستكون له الأولوية، اللقاح للأثرياء والوباء للفقراء.
«صرخة تيدروس» معبرة تمامًا عن أنانية الدول الثرية، وتواطؤ الشركات العابرة للقارات مالكة اللقاحات، يحذر «تيدروس»: «أسلوب أنا أولًا لا يجعل الأكثر فقرًا وضعفًا فى العالم فى خطر فحسب، لكنه سيأتى بنتائج عكسية. فى نهاية المطاف لن تسفر هذه التصرفات إلا عن إطالة أمد الوباء».
مثلًا، وهذه من عندنا، إفريقيا تحت خط الصحراء فى خطر داهم، لن يصيبها سوى «الرَذَاذ»، بعض من مَطَر ضعيف ينزل قَطَرات صغيرة، والرَذَاذ مطر خفيف تجىء به الأمواج عند تحطُّمها على الشواطئ.. لم يَبْقَ إلاّ النَّزْر اليسير من اللقاحات متاحًا للفقراء وتعوزهم المليارات لشراء اللقاح.
توزيعات اللقاح انطلقت فى «سرعة غير مسبوقة» نحو الشواطئ البعيدة، وفق حاجات محمومة، العالم متلهف على اللقاح بغض النظر عن جنسيته، ومعها انبعثت تساؤلات حول أخلاقيات اللقاحات المتوقعة، تحدث بها المدير التنفيذى لبرنامج الطوارئ فى منظمة الصحة العالمية «مايك رايان».
منها حتى لو حصلنا على لقاح فعال، يجب أن يكون هذا اللقاح متاحًا للجميع.. ويجب أن يكون هناك وصول عادل ومنصف إلى هذا اللقاح للجميع، العالم لن يكون محميًا من فيروس كورونا ما لم يتم تطعيم الجميع.. بؤرة فيروسية فى مقاطعة «ووهان» الصينية أصابت البشرية، لا يكفى أن تتعاطى اللقاح، وإضافة من عندنا، مهم إتاحته لجارك، الجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ، الْجَارِ ذِى الْقُرْبَى له خصلتان: الجوار والقرب، والصدقة فيه والهدية فيه لها جهتان، صدقة وصلة، وَالْجَارِ الْجُنُبِ يعنى البعيد، الفقير الذى ما هو بقريب، تكون صدقة.
«مايك رايان» يسأل: كيف نضمن حصولنا على ما يكفى من هذا اللقاح فى الوقت المناسب؟ وكيف نضمن أن نتمكن من توزيع هذا اللقاح على السكان فى جميع أنحاء العالم؟ وكيف نقنع الناس بتناول اللقاح الجديد؟
لا ينبغى أن يكون هذا اللقاح من أجل من يملكون وإنما من أجل أولئك الذين لا يستطيعون تحمله أيضًا.. نحن بحاجة للإجابة عن هذا السؤال فى أقرب وقت ممكن.
نقلا عن المصرى اليوم