بقلم- مصطفى عبيد
الكلمة الحرة عربون حرية، ومهر تحضر، ومقدم نهضة شاملة.
لا اتهامات التخوين، ولا صرخات التخويف ولا لافتات التكفير يمكنها أن تحجز نيل الكلمات. كان فولتير يقول للمختلفين معه فى الرأى إنه على استعداد أن يدفع رأسه ثمنا كى يقولوا آرائهم، ومالم نتعلم ذلك فلا قيمة لثورة نتمنى أن تحققق مآربها، ولا معنى لدولة جديدة نأمل أن نتم بنائها.
أقول ذلك بمناسبة الاعتداء الذى تعرض له الناشط الوطنى حمدى الفخرانى، والحقوقى البارع نجاد البرعى الأسبوع الماضى على أيدى شباب ينتمون لجماعة الاخوان المسلمين.
اختلف شباب الجماعة مع الرجلين فيما يخص قرار الرئيس بعودة البرلمان فضربوا الأول ورشوا الثانى بالماء واتهموه بالفلولية. كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا. ومن قبل انطلق رصاص التخوين والتشكيك صوب المستشارة تهانى الجبالى لأنها رأت غير ما ترى جماعة الإخوان.
بزمانهم تحول الرأى الآخر الى عمالة، والنقد الى سوء أدب، وحرية التعبير إلى حرية تصفيق.
من ليس معهم عدو للوطن، ومن لا يحمل عقيدتهم صاحب مصلحة، ومن يعارضهم «فلول» ولو شهد بغير ذلك أهل مصر من حلايب الى مطروح. انقلبوا من «مُضطهَدين» بفتح الهاء الى «مُضطهِدين» بكسر الهاء وكأنهم ما ذاقوا منعا ولا لاقوا تشهيرا .
على المواقع الالكترونية ينتشرون كأسراب الجراد .. يحقّرون من لا يتفق مع فضيلة المرشد، ويسخّفون كل رأى مخالف للجماعة، ويبطّلون كل كلمة حق تقال أو تكتب للرئيس الجديد الذى نخشى أن يفرعنّوه كسابقيه.
ملعون من لا يساندهم، مرجوم من لا يؤيدهم، مطرود من جنانهم الوطنية من يرفض سياسات التكويش التى يمارسونها . والأخطر أن يصل الحد الى ضرب وإهانة المخالفين لتطفيشهم من الساحة السياسية أو تشويه صورهم. وما جرى مع المخالفين لا يمكن أن يوصف الا بالارهاب. وعلى كل من مارسه أو أيده أو غض الطرف عنه أن يتوب الى الوطن ويعتذر الى الناس.
لا أعرف كيف يقبل رئيس الجمهورية أن يُضرب منتقدوه ويُهان معارضوه، لا لشىء سوى أنهم يختلفون معه فى قرار رأوه اعتداء على القضاء وتدخلا فى شئونه! ألم يعلم بما جرى للمرشح المنافس له أبى العز الحريرى على أيدى شباب الإخوان؟ كيف لم يعتذر الرجل الذى جاء الى عرش مصر فى أول انتخابات حرة لشعب مصر عن تجاوزات أنصاره؟
أنا لا أكتب بل أنزف كما يقول محمد الماغوط، فصدمة الإقصاء وعودة الإرهاب تخنقا حلمى بمصر الجديدة. وأجدنى حزينا وأنا استعير عبارة لويز ميشيل الشهيرة « كل قلب يدق من أجل الحرية له رصاصة تقضى عليه، وأنا أتساءل: أين رصاصتى؟». والله أعلم.