30 يناير 1948، كان يومًا حزينًا، مأساويّا، فى حياة الشعب الهندى، وفى حياة الشعوب المناضلة من أجل السلام، واللاعنف، والسيطرة الأجنبية، والعدل، والحرية.
« غاندى»، الروح العظيم، زعيم الثورة الهندية، مُلهم الهند للعصيان المدنى الشامل، دون قطرة دماء، ونبذ العنف، والتعصبات الدينية التى تُفرّق وتُضعف، مُنصف طبقة «المنبوذين»، المؤمن بالعدالة بين النساء والرجال، المُحارب ضد زواج الأطفال، لم يكد يفرح بإعلان استقلال وطنه فى 15 أغسطس 1947، وحصد ثمرة كفاحه، حتى قتلته ثلاث رصاصات من شاب هندوسى متعصب.
ضُرب «غاندى» بالنار، وهو الرجل نحيل الجسَد، الذى أشعل النارَ فى بريطانيا، الإمبراطورية التى لم تكن تغيب عنها الشمس. راحت الإمبراطورية العظمَى، وراح الشاب الهندوسى المتعصب القاتل، وبقى « غاندى»، وبقيت « الهند». درسٌ بسيطٌ، تكرّره صفحات التاريخ، قديمًا، وحديثا، هنا، وهناك. لكنْ حلم الإمبراطوريات المستعمرة لا يروح، والقتلة المتعصبون دينيّا لا يروحون. وسواء كان حلم استعادة إمبراطورية سياسية، واقتصادية، وعسكرية، أو حلم خلافة إسلامية، فهى ولو بعد ألف عام، ستصبح ذكرَى من تراب بفضل الملايين من النساء والرجال، الذين يؤمنون أن «الحرية» هى الأصل، « الحرية» مثل الموت، قدرٌ محتومٌ، كأسٌ من حق الجميع أن يعرف مذاقَها.
العالمُ كله، وأوله مَنْ هاجموه، وحاربوه، وسجنوه، وعذّبوه، وشوّهوا نضاله، يتذكر «غاندى» اليوم، وهو مُلقَى على الأرض، غارقًا فى دمائه النبيلة النقيّة. تلك الدماءُ التى كانت نَذير شؤم، لكل آكلى لحوم البَشر أحياء، ومُغتصبى الأرض، والكرامة. وكان بشارة خير ونور، للمقهورين، الفقراء، والمُعدَمين، والنساء المقهورات.
تم اختيار 2 أكتوبر، مولد « غاندى»؛ ليكون اليوم العالمى لنبذ العنف؛ تكريمًا له، وتدعيمًا لسياسة اللاعنف، والعصيان المدنى، والمقاومة السلبية.
وفى 14 مارس 2015، فى لندن، فى ميدان البرلمان، أزيح الستار عن تمثال « غاندى»، وهذا التاريخ، يوافق مائة عام، حينما عاد «غاندى» إلى الهند، من جنوب إفريقيا؛ حيث كان يعمل بالمحاماة، لكى يتفرّغ للنضال لتحرير بلاده، وكان يبلغ من العمر 46 عامًا.
من مقولات « غاندى» :
- أيها الهنود لا تعاملونى كإله.
- لا تحل مَحل الناس. دعهم يكتشفون قدراتهم بأنفسهم.
- الفقرُ موجودٌ لأننا نأخذ أكثرَ من احتياجنا.
- لولا المرحُ والسُّخرية لانهزمت فى أول معركة.
- لا تيأس.. فالبَحر لا يتسخ من قَطرة.
- نحن موجودون بسبب النساء فلا تسيئوا معاملتهن.
من واحة أشعارى:
لستُ ميسورة الحال
أنفق المال بلا حساب
لستُ ثرية بالمعنَى المألوف
لكننى أمتلك رصيدًا كبيرًا
فى بنك « الكرامة»
و«تحويشة العمر» كلمات وحروف.
نقلا عن روزاليوسف