كتب – روماني صبري
يعد بديع خيري، احد أهم كتاب المسرح المصري، وخلال فترة العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، لمع نجمه حين كون ثنائي مع عبري التمثيل الراحل نجيب الريحاني، ومن خلال الفن نشر الرجلان المحبة والتسامح ونبذا العنف ، وطالبا باحترام الإنسان أيا كان لونه أو وضعه الاجتماعي ، بشكل بسيط غير معقد، وكذا السخرية من الطبقة المتوسطة التي تعتنق المادية وتتغير عندما تقفز من قاع الفقر إلى قمة الثراء ، وفيلم لعبة الست الذي كتبه خيري والريحاني يترجم ذلك، والفيلم كوميديا سوداء."
خيري والعز والأنس
بعدما أطلق الانجليز سراح الزعيم سعد زغلول، قدم خيري أوبريت "البرنسيس"، وشهد عام 1924 تقديم فرقة الريحاني من كتابة خيري أوبريت "أيام العز" ،"الفلوس" ،"مجلس الأنس" ، "لو كنت ملك"، وخيري من كتب المسرحية التاريخية "محمد علي وفتح السودان"، وتوج عنها بالجائزة الثانية من وزارة الأشغال.
رائد الكتابة للسينما
شهد عام 1918 لقاء خيري بالريحاني، ما صب في مصلحة المسرح، ليشرعا بعدها بالعمل على رواية "على كيفك"، ويعد خيري رائد الكتابة للسينما المصرية، كما لحن وجسد عدد من الأدوار، ويرى بعض النقاد ممن عاصروه انه كان السبب في شهرة الريحاني.
في عام 1922 فكر خيري في تأسيس فرقة مسرحية مع (سيد درويش) الشهير بفنان الشعب، وحمل أول عمل للفرقة عنوان "الطاحونة الحمراء"، من كتابة بديع خيري، وبعد فترة قرر خيري ترك الفرقة حتى يواصل العمل مع الريحاني، عقب عودته من رحلة فنية إلى الشام لم يحالفه فيها الحظ، وكان قدم خلالها أوبريت "الليالي الملاح" مارس عام 1923م، أوبريت "الشاطر حسن".
كتب خيري الحوار للعديد من الأعمال السينمائية ومنها :
العزيمة، ورد الغرام، احمر شفايف، الباشمقاول، أنشودة الراديو، انتصار الشباب، جمال ودلال، ما أقدرش، لهاليبو، والعديد من الأعمال الأخرى، وهو أيضا والد الفنان عادل خيري، وجد الفنانة عطية عادل خيري مخرجة الرسوم المتحركة.
أما حتة ورطة
خيري من مواليد 17 أغسطس عام 1893، في حي المغربلين أحد أشهر الأحياء الشعبية بالقاهرة، ودخل الكتاب وحفظ القرأن وكتب الزجل في سن مبكر من عمره ثم أنهى دراسته وعين مدرسا.
بدأ بكتابة المونولوج ثم كتابة المسرحيات فكانت أول مسرحياته هي "أما حتة ورطة"، وكتب بديع خيري أيضا أوبريتات منها أوبريت العشرة الطيبة، وحين سافر مع نجيب الريحاني إلى الشام اكتشفا بديعة مصابني، وخيري كان صديقا مقربا للريحاني.
خيري وغول الكسار
في العام 1924 ترك الريحاني ارض الوطن وسافر البرازيل في جولة فنية مع فرقته، بعدها كتب خيري مسرحيات للفنان علي الكسار، ومنها مسرحية "الغول"، وفي نهاية العام نفسه، تم الإعلان عن عودة فرقة منيرة المهدية، ليكتب لها خيري أوبريت "الغندورة"، وتم عرضه مطلع عام 1925م، وهو العمل الذي أصاب نجاحا عظيما وأبدى النقاد رضاهم عنه، بعدها كتب خيري للفرقة أوبريت "قمر الزمان"، "حورية هانم" ،"الحيلة".
خيري أنت مسلم ؟
ولان التعصب لم يكن انتشر في زمن خيري والريحاني، وعلى الرغم من الصداقة القوية بينهما، إلا ان الريحاني كان يظن ان صديقه خيري مسيحيا، حتى غيب الموت والدة خيري، وحين ذهب الريحاني لتقديم العزاء، اخترق أذنيه صوت القران الكريم في خيمة العزاء، فقال لخيري :" خيري أنت مسلم ؟، رد عليه :" نعم"، فقال الريحاني :" كنت أظنك مسيحيا.. لم تقل لي من قبل انك مسلم الديانة"، فقال خيري له :" كونك لم تسألني من قبل عن ديانتي يا صديقي"، وغيب الموت هذا الكاتب العظيم في 1 فبراير عام 1966 عن عمر 72 سنة."
