فاروق عطية
فؤاد الأول (28 مارس 1868- 28 ابريل 1936م). سلطان مصر من 1917م الي 1922م، وتاسع حكامها من أسرة محمد علي. تنصب سلطانا بعد وفاة أخوه السلطان حسين كامل في 9 اكتوبر 1017م بعد تنازل الامير كمال الدين حسين ابن السلطان حسين كامل عن حقوقه فى تولى السلطنه المصريه، ثم تغير اللقب إلي ملك مصر وسيد النوبة وكردفان ودارفور منذ إعلان استقلال مصر في 15 مارس 1922م بعد تصريح 28 فبراير 1022م ورفع الحماية عن مصر.
هو فؤاد بن إسماعيل بن ابراهيم باشا بن محمد علي باشا. ولد بقصر والده الخديوي اسماعيل بالجيزة، والدته هي الزوجة الثالثة للخديوي إسماعيل الأميرة فريال هانم. وهو أصغر أولاده، وعند بلوغه السابعة من عمره ألحقه والده بالمدرسة الخاصة في قصر عابدين والتي كان قد أنشاها لتعليم أنجاله، واستمر بها ثلاث سنوات، وفيها أتقن مبادئ العلوم والتربية العالية، ثم أرسله الي سويسرا ودخل هناك مدرسة تودكيم الخاصة. وبعد عزل والده الخديوي إسماعيل سنة 1879م صحبه معه إلى المنفى في إيطاليا، وهناك التحق بالمدرسة الإعدادية الملكية في مدينة تورينو الإيطالية واستمر بها حتي أتم دراسته، ثم انتقل إلي مدرسة «تورين الحربية» تخرج منها سنة 1888م وانضم للجيش الإيطالي برتبة ملازم، وأُلحق بالفرقة الثالثةعشر (مدفعية الميدان) واستمر بها لمدة عامين، وانتقل بعد ذلك مع والده إلى الأستانة يعد شراء والده لسراي يطل علي البسفور.
عين ياورًا فخريًا للسلطان عبد الحميد الثاني، ثم انتدب بعد ذلك ليكون ملحقًا حربيّاً لسفارة الدولة العليا في العاصمة النمساوية فيينا. عاد إلى مصر سنة 1890م، وتولى منصب كبير الياورن في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، وتدرج في المنصب حتى أصبح ياورًا خاصا للخديوي واستمر في هذا المنصب ثلاث سنوات متتالية.
كان للأمير فؤاد تابع يعمل في معيته اسمه إدريس افندي الأقصري، قال للأمير ذات يوم: أبشر لقد حلمت بأنك ستكون ملك مصر وستلبس التاج وتجلس على العرش، ضحك الأمير ووعد إدريس خيرا أن تحقق حلمه، فقد كان حلما صعب المنال. وكان الانجليز يبحثون عمن يولونه عرش مصر ويدير دفة الحكم لصالحهم ووجدوا في فؤاد ضالتهم فهو الوحيد من وجه نظرهم الذي يمكن أن يخدم حكمهم ويحركونه كما يشاءون، فنصبوه سلطانا على مصر ثم ملكا عليها وجعلوا المُلك وراثيا في أسرته. وتحقق حلم إدريس أفندي الاقصرى، وكافأه الملك فؤاد أعظم مكافأة حيث وضع صورته على أول جنيه مصري من العملة الورقية يطبع باسم المملكة، والذي عرف بجنيه إدريس أفندي وهو من أندر العملات في مصر والعالم وزيادة على ذلك التخليد منحه لقب الباكوية وأصبح إدريس بك.
إهتم فؤاد الأول بإنشاء الجامعة المصرية، حيث لم تكن إلى سنة 1908م إلا مجرد أمنية وهو الذي أخرجها إلى حيز الوجود واحتفل بافتتاحها في 21 ديسمبر سنة 1908م. وأسس الجمعية السلطانية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، وقد افتتحها باحتفال في 8 أبريل سنة 1909م، وقامت هذه الجمعية بمحاضرات عديدة ومباحثات مفيدة. في 5 يناير سنة 1910م انتخبه مجلس إدارة جمعية الإسعاف بمدينة القاهرة رئيسًا للجمعية. في 6 فبراير سنة 1915م خلف أخاه السلطان حسين كامل في رئاسة شركة السكة الحديدية البلجيكية بالوجه البحري. وفي 2 مارس 1916م رأس جمعية الهلال الأحمر في مصر.
في عهده قامت ثورة 1919م واضطر الإنجليز إلى رفع حمايتهم عن مصر والاعتراف بها مملكة مستقلة ذات سيادة، فأعلن الاستقلال في 15 مارس 1922م وأصدر لحكومته أمرًا كريمًا بإعداد مشروع لوضع نظام دستوري، يحقق للبلاد أمانيها بالتعاون بين الأمة والحكومة في إدارة شؤون البلاد ويقرر مبدأ المسئولية الوزارية. وفي 13 أبريل 1922 أصدر القانون رقم 25 لسنة 1922م الخاص بوضع نظام لوراثة العرش في أسرته. وتم في عهده تأليف أول وزارة شعبية برئاسة سعد زغلول وذلك في يناير 1924م. حدثت في عهده مفاوضات كتيره بين مصر وبريطانيا بهدف تحديد العلاقات بين البلدين (مفاوضات زغلول ـ مانر 1920م، و عدلى-كرزن 1921م، وزغلول ـ رامزى مكدونلد 1924م، و ثروت - اوستن تشمبرلين 1023م، والنحاس-هندرسن 1929– 1930م) وانتهت المفاوضات بتوقيع معاهدة 1936م التي اعترفت فيها بريطانيا باستقلال و سيادة مصر (وقعت في عهد الملك فاروق).
وتقول دائرة المعارف البريطانية إنه على الرغم من أن مصر أصبحت من الناحية النظرية ملكية دستورية، إلا أن الدستور المصري منح الملك سلطات كبيرة، فكان بإمكان فؤاد أن يصدر تشريعات، ويعقد البرلمان ويحله، فضلا عن تدخله في الشؤون المدنية والعسكرية للدولة. وقد أدى ميل الملك فؤاد نحو السلطة الاستبدادية إلى صدامه الدائم مع القوى الوطنية في البلاد بقيادة حزب الوفد. وأدى هذا إلى صراع بين القصر وحزب الوفد استمر منذ عام 1923م حتى وفاته.
وقد أدى هذا الصراع إلى حل البرلمان المصري الذي كان يهيمن عليه الوفد في عام 1930م وإلغاء أول دستور (دستور 1923م) واستبداله بآخر، بأمر ملكي في نفس العام. وقد قاطعت القوى الوطنية البرلمان "المنتخب" في عام 1931م وفقا للدستور الجديد، وكان عدم تمثيله للأطياف السياسية صارخا لدرجة ظهور الخلاف الاجتماعي والسياسي الكبير بشكل واضح. وفي عام 1934م تم إسقاط الدستور الملكي لصالح دستور عام 1923م وأعادت الانتخابات الجديدة الوفد إلى السلطة.
بعد ما ألغى مصطفى كمال اتاتورك الخلافة العثمانية في تركيا فى بداية عشرينات القرن العشرين جرت محاولات فى مصر لتنصيب الملك فؤاد " خليفة المسلمين " لكن المحاولات فشلت، كما سعي الملك فؤادعند بريطانيا لتعديل نظام وراثة عرش مصر بحيث يبقى منحصرا في ذريته بدلا من أكبر أبناء الأسرة العلوية ونجح فعلاً فى مساعيه فأصدر فى 13 ابريل 1922م النظام الجديد لوراثة العرش وأصبح اللقب الرسمي لإبنه فاروق هو "حضرة صاحب السمو الملكي الأمير فاروق" و "أمير الصعيد".
تزوج فؤاد مرتين: تزوج الأمير فؤاد ابن الخديوى اسماعيل الأميرة شيوه كار خانم أفندي، وهي حفيدة ابراهيم باشا، وقد ورثت منه ثروة كبيرة من أطيان واموال وعقارات، وقد انتقلت الأميرة شيوه كار من منزل عائلتها بقصر الدوبارة إلى قصر الزعفران محل اقامة الأمير فؤاد انذاك، وكان لها شقيقان هما الأمير وحيد الدين، والأمير سيف الدين. أنجبت الاميرة شيوه كار من الأمير فؤاد الأمير إسماعيل ولكنه لم يعش طويلا ( مات في عامه الأول)، وأنجبت أيضاً الأميرة فوقية سنة 1897م التي تزوجت من محمود فخرى باشا وأنجبت منه ولدا واحدا، (وقد عاشت الأميرة فوقية في عزلة تامة في فندق في مدينة زيوريخ إلى أن توفيت سنة 1974م، وقد سمح الرئيس أنور السادات بأن تدفن في مصر). وقد وقع الطلاق بين الملك أحمد فؤاد والاميرة شيوه كار في عام 1898م، بعد مشاكل عديدة كان آخرها اطلاق شقيقها الأمير«أحمد سيف الدين» الرصاص على الأمير فؤاد في نادي محمد علي والذى نجا من الموت ولكن سببت الحادثة له بعض المشاكل في حنجرته أدت لضخامة في الصوت، وقد تزوجت بعد طلاقها من الملك فؤاد من الأمير إلهامى حسين باشا ثم سيف الله باشا يسري وأنجبت البرنس «وحيد يسري» ومحمد وحيد الدين ولطيفة هانم التي تزوجت من أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي في عهد الملك فاروق ولكنها طلقت منه بسبب الملكة نازلي، وكانت شيوه كار تحب الملك فاروق كثيراً لأنها كان بإعتقادها إنه كان يجب أن يكون إبنها، وقد توفيت سنة 1947م.
الزوجة الثانية للملك فؤاد الأول هي الملكة نازلي عبد الرحيم صبري (25 يونيو 1894 - 29 مايو 1978م) تزوجها بعد طلاقه من زوجته الاولى الأميرة شيوه كار، وهي ابنة عبد الرحيم باشا صبري الذي كان وزير للزراعة، وجدّها لأمها سليمان باشا الفرنساوي الذي جاء لمصر مع الحملة الفرنسية (چوزيف انتيلمى سيف) ولكنه رفض الرحيل ومكث بمصر وأشهر اسلامه. وقد أنجبت من الملك فؤاد خمسة أبناء هم: الملك فاروق، الأميرة فوزية، الأميرة فائزة، الأميرة فائقة ثم الأميرة فتحية.
انجازاته:
ـ أسس الجمعية السلطانية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، وقام بافتتاحها في 8 ابريل 1909م.
ـ أسس جمعية لترغيب السياح في زيارة البلاد المصرية ومشاهدة آثارها وذلك في عام 1909م.
ـ رأس جمعية لترغيب السياح في زيارة البلاد المصرية ومشاهدة آثارها وذلك في عام 1916م.
ـ رأس جمعية الهلال الأحمر في مصر في 3 مارس 1916م.
ـ أمر بتشييد مبنى البرلمان، وإصدار الدستور 1923م.
ـ شهد عصره تأسيس بنك مصر عام 1920م، و شركة مصر للطيران في عام 1931م، ومطار ألماظة ومطار في الاسكندرية، وإرسال عدد من الطلبة لتعلم الطيران في لندن ومن ثم انشاء مدرسة مصر للطيران وقامت الشركة بشراء 4 طائرات وصلت الاسكندرية في عام 1932م كما تأسست مدينة بورفؤاد.
ـ تأسست في عهده الجامعة الأمريكية عام 1920م والجامعة الأميرية في عام 1925م التي كان أحمد لطفي السيد أول مدير لها ومنحها فؤاد اسمه لتصبح جامعة فؤاد الأول 1940م بعد ضمها للحكومة.
ـ كما تأسس مجمع اللغة العربية في عام 1932م، وأنشئت الاذاعة المصرية في عام 1934م، وتم اختيار نشيد وطني مصري من تأليف أمير الشعراء أحمد شوقي بدلا من النشيد السلطاني الخديوي الذي ألفه الموسيقار الإيطالي فردي.
ـ شهد فن التمثيل والمسرح تطورا في عهده بافتتاح معهد فن التمثيل عام 1930م، فضلا عن ظهور فن السينما واستديوهات ايزيس ورمسيس وازدياد الاهتمام بالافلام الصامتة والناطقة.
ـ وفي عهده أيضا نحت تمثال نهضة مصر للنحات محمود مختار الذي تعلم في باريس ثم عاد للقاهرة، وقد افتتحة الملك فؤاد في 20 مايو 1928م.
ـ نتيجة لمساعيه قبلت المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا أن يتعلم بعض الطلبة المصريين مجانًا في جامعات لندن وباريس وروما.
ـ انتُخب زميلًا شرفيًا لكلية الجراحين الملكية بإنجلترا في 1 اغسطس 1929م
وخلال عامه الأخير، ركز الملك فؤاد إلى جانب القوى الوطنية الأخرى، على مراجعة العلاقة التعاهدية بين مصر وبريطانيا.
وقد مهدت المفاوضات التي بدأها فؤاد وأنصاره المصريون أخيرا الطريق لإبرام معاهدة أكثر ملاءمة بين بريطانيا ومصر، وهي تلك المعاهدة التي وقعها خليفته فاروق عام 1936م.
في اواخر مارس 1936م بدأ يشكو بألم في اسنانه وقرر الأطباء بعد طول البحث وجوب خلع الأسنان، و بدأوا يخلعون الاسنان واحدة واحدة، وانتهوا من ذلك في مساء الاربعاء 23 ابريل، في 25 ابريل حدثت مضاعفات والتهاب تفشي في الفم أدي إلى غرغرينا ونزيف حاد وارتفاع في درجة الحرارة. في يوم 27 حدث تحسن وأخذ التعفن الموضعي بالفم في النقصان، وفي فجر يوم 28 حدثت مضاعفات طارئة منها القيئ المتلاحق مما اضطر لاستدعاء الدكتور فرجولي ومرافقيه الذين أجروا لجلالته تنفسا صناعيا وتغذية بحقن مغذية لاستحالة تغذيته من فمه بسبب تورم الفكين، كما حقنوه بحقن مضادة للتسمم ولوحط هبوط في الدورة الدموية وعودة التعفن الموضعي. وفي صباح يوم 28 ابريل استيقظ جلالته نشيطا واجتمع بكبار رجال الرأي وتحدث معهم منفردين ووقع بعض الاوراق والمراسيم وتباحث في شؤون شتى، وقابل جلالته في الصباح علي ماهر باشا وطلب من دولته أن يتقلد منصب "نائب الملك". وفي الساعة الواحدة والدقيقة 27 تسلم جلالته خطاباً وصله من ولي عهده المحبوب سمو الامير فاروق فتهلل وأخذ يقرأه على ضوء المصباح الموضوع الى جوار مقعده الطويل "الشزلونج". واذا بيديه ترتميان فجأة الى جنبيه والخطاب يسقط منهما، فاسرع الاطباء الى جلالته، فاذا به قد اسلم الروح. ودفن جلالته في مسجد الرفاعي وخلفه علي العرش ابنه الملك فاروق الأول.