بقلم : الدكتور مجدى شحاته
يسعى كل قاطن جديد لأروقة البيت الابيض الى احداث تغيرات فى السياسة الخارجية الامريكية لاسيما اذا كان منتميا لحزب مختلف لسلفه .
و يمكن لنا ان نقول ان سياسة الرئيس جو بايدن ستكون مرآة لسياسة حزبه الديمقراطى بشكل عام والمتفق عليها مسبقا .
ولا شك ان الدعم الكامل الذى قدمه الرئيس السابق باراك اوباما لبايدن خلال حملته الانتخابية ، تؤكد ان بايدن سوف يسير على درب اوباما ، بل وسيعتمد بشكل كبير على الاسترشاد بالفكر الاوبامى وليس بالضرورة كما يردد البعض ، أن حقبة بايدن ستكون امتدادا لحقبة اوباما أى فترة ثالثة اوباميه . ولكن من المؤكد ان اوباما هو الحاضر القوى فى المشهد السياسى .
ولا ننسى ان بايدن له باع طويل فى العمل السياسى تخطى الأربعة عقود . الامر الذى يشير الى ان يكون له بصمة خاصة تميز زمنه عن غيره ممن سبقوه .
بايدن يعتمد بشكل ما على نائبته كامالا هاريس أول امرأة تتولى هذا المنصب فى تاريخ الولايات المتحدة . ذلك التعيين الذى جاء نتيجة الدعم او قل الضغط القوى من اوباما وزوجته ميشيل لتصل هاريس لهذا المكان ، ولتصبح من الشخصيات الهامة فى المشهد السياسى الامريكى . فالرئيس بايدن الذى تجاوز من العمر 78 عاما لن يسعى لولاية ثانية ومن هنا ستكون هاريس ( 56 سنة ) هى المرشحة الاولى من الحزب الديمقراطى فى انتخابات 2024 ، هذا ان لم يترك بايدن منصبه مبكرا .
أمام الرئيس بايدن عشرات الملفات الشائكة الملتهبة .
من أبرزها ملفات الشرق الاوسط . الا انها لن تكون كما يتوقع البعض من أولويات سياسة بايدن الخارجية . ولكن هناك من القضايا الاكثر الحاحا ، فى مقدمتها مكافحة والسيطرة على وباء كورونا الذى حصد الاف وأصاب ملايين الامريكيين ، احتواء التمدد والنفوذ الصينى ، بعد أن أصبحت الصين بمثابة المعضلة الاستراتيجية والمنافس الجيوسياسى أمام أى ادارة أمريكية .
فضلا عن التقدم العسكرى المتنامى الذى لايمكن الاستهانة به ،ايضا التواصل مع الجانب الروسي ، وكذلك بحث العلاقات المتباينة مع دول القارة الاوربية .
ناهيك عن المشاكل الاقتصادية والبطالة داخل المجتمع الامريكى خاصة بعد الزيارة الثقيلة لوباء كورونا . أما بخصوص قضايا الشرق الاوسط ، فهناك المزيد من الملفات الملتهبة والشائكة والملحة ، من بينها الملف الايرانى .
حيث اتسمت سياسة الرئيس السابق ترامب بعد الانسحاب العشوائى من الاتفاق النووى التاريخى ، بممارسة الضغط وفرض العقوبات الاقتصادية على طهران ، مقابل المفاوضات مع الجانب الروسى والتركى .
من خلال ممارسة الضغط على موسكو وأنقرة مقابل العودة الى الاتفاق النووى الايرانى ، خاصة وان الفريق المفاوض لبايدن هو نفسه الفريق الذى خطط ورسم وفاوض ونفذ الاتفاق فى حقبة اوباما فى الفترة 2013 -2017 .
فى الشأن التركى ، تعتبر انقرة من أكبر الخاسرين بوصول بايدن للبيت الابيض ، والذى أظهر تأييده بقوة للأكراد وتعهد بدعم المعارضة التركية لتصبح تركيا مكشوفة أمام غضب الكونجرس الامريكى .
أما من الجانب الفلسطينى – الاسرائيلى فقد أعلن بايدن عن أعادة التواصل مع الفلسطينيين الذين كانوا قد قطعوا علاقاتهم مع الرئيس السابق ترامب . وبطبيعة الحال يؤيد بايدن سلفه ترامب فى الانتصارات التى حققها فى سياسات التطبيع واقامة علاقات رسمية بين دول عربية وتل ابيب الامر الذى يخفف من التوتر والانقسامات فى المنطقة .
فى نفس الوقت تأييد كامل والاعتراف بالقدس عاصمة لأسرائيل .
ومن المعروف ان الحزب الديمقراطى رفض مسبقا وصف الاراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967 ب ( المحتلة ) رغم الكلام المتواصل عن حل الدولتين .
أما بخصوص ما يردده بايدن تحت مسميات انتهكات حقوق الانسان وكبت الحريات وتلميحات عن المطالبة بالافراج عن معتقلين فى بعض دول الشرق الاوسط ، فهذاالامر يندرج بالدرجة الاولى تحت بند التدخل فى الشأن الداخلى لدول مستقلة ذات السيادة الكاملة .
فكل دولة لها مطلق الحق والحرية الكاملة فى ضبط الامن داخل أراضيها والقضاءعلى مصادرالارهاب والعنف والتطرف الذى يهدد سلامة الوطن ومؤسساته وامن المواطن وممتلكاته . ولابد ان ادارة بايدن استوعبت الدرس جيدا بعد الاقتحام الغوغائى لمبنى الكابيتول والمؤسسات الحكومية فى واشنطن وتهديد الامن واستقرار الشارع الامريكى فى أحداث فوضى يناير الماضى ، مما دعى الامر لنزول قوات عسكرية مسلحة واعتقال المئات من المشاغبين وتقديمهم للمحاكمة .
. فهل هذا يتعارض مع حقوق الانسان والحريات ؟؟ ولابد من التنويه ، ان محاولة خلق نزعة انتقامية تنتهجها ادارة بايدن ضد سلفه الرئيس ترامب الذى واجه اكبرحملة تعنت عدائية من كافة وسائل الاعلام الامريكية لم يشهدها أى رئيس امريكى سابق ، ربما تزيد هذه النزعة الانتقامية من الانقسام الايديولوجى الذى بدء يعانى منه المجتمع الامريكى الامر الذى يجلب مزيد من المتاعب لبايدن وادارته وشعبه وكلهم فى غنى عن هذا الانقسام المرعب .